أماني العمر مسلسل بحريني يتلمس أسباب المرض النفسي بقلم: ناهد خزام

  • 2/15/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أماني العمر مسلسل بحريني يتلمس أسباب المرض النفسي يسعى المسلسل البحريني "أماني العمر" إلى الكشف عن خبايا المرض النفسي ودوافعه، عبر اقترابه من بعض هذه الحالات المرضية التي يتم علاجها في إحدى المصحات النفسية، ويستعرض المسلسل تجارب كل حالة من هذه الحالات ويقدمها في سياق درامي، باحثا عن البواعث الكامنة خلف هذه الاختلالات النفسية.العرب ناهد خزام [نُشر في 2018/02/15، العدد: 10901، ص(16)]أميرة محمد وإلهام علي وهنادي الكندري بطلات المسلسل تتمحور أحداث المسلسل البحريني "أماني العمر" حول محاولات إحدى الباحثات، وهي الطبيبة النفسية “سعاد” التي تقوم بدورها الفنانة الكويتية هنادي الكندري، تجربة أسلوب مختلف مع بعض الحالات المرضية، وبالفعل تتقدّم سعاد إلى إحدى المصحات النفسية بمشروعها الذي تتعاون فيه مع صديقتها “تهاني” التي تؤدي دورها الفنانة البحرينية أميرة محمد، ويتلخص مشروع الباحثة في خلق مناخ مغاير لأجواء المستشفى الذي تقيم فيه تلك الحالات. تنتقي الباحثة أربع حالات مرضية لنساء من داخل المصحة النفسية وتقوم بنقلهنّ إلى مقر المصحة الجديدة التي أنشأتها خصيصا لهذا الغرض، حيث يمكنها مراقبة سلوك كل حالة على حدة. ويستعرض المسلسل في البداية قصة كل واحدة من هذه الحالات، والظروف الاستثنائية التي أوصلتها إلى مرحلة الخلل النفسي، فالحالة الأولى هي حالة “نورا” التي تقوم بدورها الفنانة البحرينية زينب غازي، وهي فتاة مصابة بالاكتئاب على إثر تعرضها لأزمة عاطفية تؤدي بها إلى الانطواء والحزن إلى الحد الذي تفكّر فيه في الانتحار. أما الحالة الثانية، فهي حالة “شهد” وتؤدي دورها صابرين بورشيد، حيث تتعرض البطلة لمحاولة ابتزاز من قبل أحد الأشخاص، ما يعرّض سمعتها للخطر، الأمر الذي يدفعها إلى الانتقام بمحاولة قتل ذلك الشخص فتؤذي نفسها، وتنسحب من حياة الأضواء التي كانت تعيشها. وتقدم الحالتان الأخريان نموذجين مختلفين للعنف الأسري والتربية غير السوية، إذ تتعرض “أسماء” التي أدت دورها غدير السبتي للضرب والتعنيف من قبل زوجها “ناصر”، وهو رجل منحرف يمارس ابتزاز الفتيات والشباب عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، مستغلا ابنه المراهق رشيد في استدراج هؤلاء الفتيات والشباب. ويدفع خوف أسماء على ابنها إلى مواجهة زوجها بكل ضراوة، ما يؤدي بهما إلى الصدام المستمر، وإلى الوقوع في النهاية في براثن المرض النفسي. أما “أمل”، والتي أدّت دورها إلهام علي، فهي فتاة أرغمها والداها على الزواج من رجل لا تحبه رغم حاجتها إلى الرعاية بسبب خلل جسماني أصابها في صغرها، ولأن زوجها يسيء دائما معاملتها بلا رحمة أو تقدير لحالتها، فقد أقدمت على التخلص منه بطريقتها.أحداث المسلسل لا تخلو من الجانب الرومانسي، لكن المحرك الرئيسي لها هو اللعب على المشاعر الإنسانية والضغوط الحياتية ينجح المسلسل في بث حالة من التشويق عبر استعراضه لكل حالة من هذه الحالات على حدة، إذ يقدم خلال الحلقات الأولى لمحة مبدئية عن ظروف كل منهنّ على حدة من دون التطرّق إلى التفاصيل التي أدت إلى تلك النهاية، ومن دون ذكر لمصير الأطراف الأخرى في ما بعد. وحين يستعرض مخرج العمل حسين الحلبي حالة نورا على سبيل المثال، يبدأ بمشهد انفصالها عن حبيبها، أما شهد فلا نعرف قصتها إلاّ من خلال ذلك اللقاء القصير الذي جمعها مع ذلك الشخص الذي يحاول ابتزازها والتشهير بها، ويتكرّر الأمر مع الحالتين الأخريين، لنجد أنفسنا في النهاية في مواجهة أربع حالات مرضية لا نعرف عن تاريخها سوى القليل. هكذا تتشكل أحداث هذا العمل الدرامي الذي عرض مؤخرا على قناة “أو إس أن” الإماراتية، والعمل من تأليف الكاتب محمد الكندري ومن إخراج حسين الحليبي، ويشارك فيه إضافة إلى بطلاته اللاتي سبق الإشارة إليهنّ كل من فيصل بوغازي ونواف النجم ومحمد الحداد وجمعان الرويعي. ولا تخلو أحداث المسلسل من الجانب الرومانسي، لكن المحرك الرئيسي لها هو اللعب على المشاعر الإنسانية والضغوط الحياتية، وكيف أن هذه الضغوط الحياتية يمكنها أن تؤدي بنا إلى الانهيار. ولا تكتفي الطبيبة سعاد بعلاج الحالات بشكل مجرّد، بل تحاول البحث في محيطهنّ عن تلك الأسباب التي أدت إلى مرضهنّ، وهو ما يكشف لها عن أحداث ووقائع يمكن أن تكون مغايرة لما هو معلن، فالضغط النفسي قد يخلق لدى المريض إحساسا خادعا بالاضطهاد، كما قد يؤدي إلى تصوّرات غير حقيقية للواقع، وبالمثل، لا تخلو حياة الطبيبتين سعاد وتهاني أيضا من بعض المنغصات، وهي طبيعة العلاقات الاجتماعية والإنسانية بشكل عام. وهذه المقابلة التي تنطوي عليها الأحداث بين النماذج المرضية والسوية، ربما تدعونا في جانب غير معلن إلى محاولة تحدي العقبات والأزمات التي قد تطرأ على حياتنا، وعدم الاستسلام للضغوط النفسية حتى لا نقع في النهاية فريسة لها. ومن ناحية أخرى تمثل هذه الحالات مجتمعة موضوعا لكتاب تعمل الباحثة سعاد على إنجازه، ويقابل بترحاب شديد عند صدوره، إذ تحاول سعاد عبر هذا الكتاب تسليط الضوء على الأمنيات غير الحقيقية التي يمكن أن يتعلّق بها المرء، ما يؤدي إلى شعوره بالعجز واستسلامه للأوهام الكاذبة. يذكر أن المسلسل مأخوذ عن رواية للكاتب الكويتي محمد الكندري بالعنوان نفسه، والذي قدّم سابقا عملين دراميين عرضا في رمضان الماضي، وهما “ممنوع الوقوف” و”بوطبيع”. ويقدم مسلسل “أماني العمر” جانبا دراميا مختلفا عن الدراما الخليجية المعتادة، حيث استطاع المخرج حسين الحليبي الحفاظ على حالة الغموض خلال جميع الحلقات. ويمكن الإشارة هنا أيضا إلى أداء الفنانة السعودية إلهام علي، التي استطاعت تجسيد دورها بمهارة، من دون مبالغة، وهو دور مركّب يحتاج بالفعل إلى موهبة حقيقية، وسبق لإلهام علي أن شاركت في أول فيلم روائي لها تحت عنوان “بيبي” وهو فيلم كويتي من إنتاج 2017، كما شاركت في عدد من المسلسلات والمسرحيات منذ تفرغها للتمثيل في عام 2014. كما يمكن الإشادة أيضا بأداء زينب غازي وصابرين بورشيد وغدير السبتي، وكان حضور الفنان الكويتي فيصل بوغازي لافتا في إضفاء نوع من البهجة، حيث ساهم في تخفيف الأجواء المشحونة للمسلسل.

مشاركة :