المسجد الأقصى على وشك التهويد | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 11/1/2014
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

المسجد الأقصى قديم بل وضارب في القدم، قِدَم التاريخ نفسه إذ تدل الأحاديث النبوية الشريفة على أن أبا البشرية سيدنا آدم عليه السلام هو أول من بناه عقب بنائه للمسجد الحرام بمكة المكرمة بأربعين سنة، كما أن أبانا إبراهيم الخليل عليه السلام أعاد بناءه في زمنه بعد أن درست معالمه، كما أعاد إعمار المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد الأقصى مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه للسموات العلى، أمَّ فيه الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ليلة الإسراء والمعراج، فكان ذلك بمثابة إعلان بالهوية الإسلامية للمسجد الأقصى وبتبعية الأنبياء والمرسلين لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء المرسلين وأعظم شخصية إنسانية مرت في التاريخ على مر كل العصور، والأقصى كذلك محشر الخلق يوم القيامة فهو بوابة الأرض للسماء، لكل ذلك عظم الإسلام من مكانة الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على زيارته والصلاة فيه أو إهداء الزيت لإنارة سرجه. والمسجد الأقصى لم يزل منذ بدأ الاحتلال الصهيوني لفلسطين سنة 1948 موضع النزاع الأكبر بين المسلمين واليهود، واليوم هو أقرب ما يكون لهيمنة اليهود عليه، وشهد الأربعاء الماضي الخامس من شهر الله المحرم 1436هـ ولأول مرة في تاريخ الصراع الصهيوني الإسلامي منع المصلين المسلمين من دخول المسجد وأداء الصلوات، فسكتت مآذنه عن رفع الأذان وباحاته عن الصدع بالقرآن، ولم ينبرِ لنصرته الأمة كما في محاولات سابقة، وفي ذلك مؤشر قوي على أن الدولة الصهيونية في ظل الفتن المائجة والتقلبات الخطيرة لدول المنطقة وجدتها اللحظة التاريخية الأنسب لهدم الأقصى، وبناء ما يسمى بهيكل سليمان على أنقاضه، لأن هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان المزعوم عقيدة عندهم ضرورية لخروج "ملك السلام" عندهم (المسيح الدجال) بعد أن يمهّدوا له بتشكيل إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، ومن الشام إلى خيبر والمدينة المنورة بعد تفتيت الدول العربية إلى دويلات طائفية وعرقية متناحرة تهيمن عليها جميعاً دولة إسرائيل الكبرى. محاولات الكيان الصهيوني لهدم المسجد الأقصى عديدة ومتكررة من حفر الأنفاق المتواصل تحت أساسات المسجد بزعم البحث عن الهيكل المزعوم، ومنها العبث بمحيطه ذي الصبغة الإسلامية، ومن أشهرها بل لعله أشهرها قيام المتطرف الصهيوني الأسترالي الأصل (دينيس مايكل وليام موهان) منذ 45 سنة وبالتحديد في 21 أغسطس 1969م بحرق المسجد الأقصى بالتواطؤ مع الدولة الصهيونية التي قامت بقطع المياه عن منطقة الحرم فور نشوب الحريق وإعاقة كل أعمال الإغاثة، وحاولت منع سيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية من نابلس وبيت لحم والخليل وغيرها من الوصول إلى المنطقة، وحاولت إسرائيل منع أبطال القدس الذين استماتوا في الإطفاء واندفعوا بقوة وإصرار عبر النطاق الذي ضربته حول المسجد وتمكنوا من إكمال مهمتهم. ومع ذلك أتى الحريق للأسف على منبر المسجد وسقوف ثلاثة من أروقته وجزءٍ كبير من سطحه الجنوبي. وقد قامت إسرائيل بتبرئة المجرم الأثيم قانونياً بدعوى الجنون، وليت شعري لو أن عربياً أو مسلماً قام بحرق أقل كنيس يهودي في أي طرف من أطراف المعمورة لصاحت إسرائيل و لعلا صراخها وعويلها و لتداعى لها المجتمع الدولي ومجلس الأمن ولاستصدروا القرارات الملزمة تحت الباب السابع لمحاربة الإرهاب الإسلامي (الحرب على الإسلام) لدرء خطر الإرهاب الإسلامي - و ضع تحت الإسلامي عشرة خطوط - على السلم والأمن الدولي. الفرق بين ردة الفعل العربية الرسمية والشعبية آنذاك والآن كبير جداً بل هو جذري وهائل، فقد سبَّب الحريق هياجاً كبيراً في الأوساط العربية والإسلامية لما يمثله المسجد من قيمة كبرى لدى المسلمين. ولجأت الدول العربية كعادتها إلى مجلس الأمن الذي أصدر قراره الشهير 271 الذي "أدان" إسرائيل لتدنيسها المسجد، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية القدس. وعبر القرار عن حزن المجلس للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي الغاشم، ودعاها إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. كما دعاها إلى الامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة، المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية. ويذكر أن القرار الدولي صدر بأغلبية 11 دولة وامتناع أربع دول عن التصويت من ضمنها الولايات المتحدة. وقد أثبتت الأيام أن ذلك القرار وحيثياته ما هو إلا ذر للرماد في العيون وضحك على الذقون، فإسرائيل ماضية في خططها والعرب ازدادوا انشغالاً بمشاكلهم الداخلية خصوصاً بعد ويلات الربيع العربي الذي أصبح خريفاً قاحلاً، وأصبحوا أكثر اختلافاً وتفرقاً، ولم تعد إسرائيل هي العدو الأكبر للإسلام والمسلمين. قالت رئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير وهي تصف تصوراتها بعد إقدام يهود على فعلتهم الشنعاء ومحاولة إحراق المسجد الأقصى: "لم أنم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجاً أفواجاً من كل حدب وصوب.. لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذه أمة نائمة"، وأسست الدول العربية عام 1395هـ 1975م بناء على توصيات مؤتمر القمة العربي السادس لجنة القدس وأوكلت رئاستها لملك المغرب الراحل الحسن الثاني رحمه الله وآلت من بعده لابنه الملك محمد السادس والتي من أهم مهامها الدفاع عن المسجد الأقصى، ولا يزال الفلسطينيون والعرب ومن ورائهم الأمة الإسلامية جمعاء ينتظرون خطوات عملية تحمي القدس والمسجد الأقصى من الهدم والتهويد، يقول الله تعالى في سنة الاستخلاف أو الاستبدال: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم). للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :