وسؤال المليون هنا، هو قدرتنا على تحقيق ما نطمح إليه منذ أكثر من أربعين عاماً، حينما رفعنا شعار تنويع مصادر الدخل. أما سبب طرح السؤال فهو تصريح وزير التجارة والصناعة، عن أن فصل الصناعة عن التجارة وإيجاد وزارة مستقلة للصناعة بيد المقام السامي، وهو أمر قد تصدر فيه الموافقة الكريمة في أي لحظة. يعني أنه من المتوقع أن يصبح لدينا وزارة مستقلة تعنى بشؤون الصناعة وشجونها، كما كانت الحال قبل أكثر من عشر سنوات وقبل دمج الوزارتين في وزارة واحدة. علينا أن نتفق أن إيجاد جهاز يعنى بالصناعة هو وسيلة وليس غاية في حد ذاته. إن الأمر يتطلب الاتفاق والقناعة على أهمية دورها في تحقيق تطلعاتنا التنموية، وأولها وأهمها تنويع مصادر الدخل. يتأكد كل يوم أن سبب إخفاقنا وعدم قدرتنا على تحقيق أحد الأهداف الرئيسة، أو هو الهدف الرئيس، لخططنا التنموية والمتمثل في تنويع مصادر داخلنا وتقليل الاعتماد على النفط كمورد شبه وحيد في تكوين ميزانيتنا ودخلنا العام، هو عدم قدرتنا، أو بالأصح عدم اهتمامنا بالكيفية التي نستطيع من خلالها الوصول إلى ذلك الهدف. كان يجب علينا أن نطرح السؤال ومنذ سنوات، عن الطريقة التي من خلالها نستطيع تحقيق ذلك الهدف النبيل والمهم. كان علينا أن نسأل أنفسنا كيف استطاعت الدول الأخرى، شرقاً وغرباً تحقيق ذلك؟. الإجابة وببساطة وكما توضحه وتبينه الدراسات والأبحاث والكتابات المختصة في التنمية الاقتصادية أن هذه الدول ركزت على الصناعة في بداية تنميتها الاقتصادية. كان هذا هو شأن دول الغرب في بدايتها، ثم تلتها دول الشرق أخيراً. كانت الصناعة هي الخيار الأول لتلك الدول لتنويع اقتصاداتها وزيادة مداخيلها، بل إن تلك الدول كانت تقدم الحوافز والتشجيع والدعم حتى قويت صناعتها، وأصبحت في حاجة لمنافذ وأسواق أخرى لتصريف منتجاتها، حينها لجأت تلك الدول إلى استراتيجية أخرى مكملة لاستراتيجيتها الصناعية، وهي دعم تجارتها الخارجية والعمل على إزالة كل العوائق التي قد تحد من حركة منتجاتها، بل إنها أصبحت تطالب وتسعى لمنع الدول الناشئة صناعياً من تقديم أي دعم أو تحفيز لبرامجها ومشاريعها الصناعية، خلاف ما كانت تقوم به تلك الدول في بداياتها الصناعية! الخلاصة، نتمنى أن تكون التجارب التي مررنا بها في سنواتنا الماضية، كفيلة بوضع أقدامنا عملياً على المسار الصحيح لتنويع مصادر دخلنا، والرفع من كفاءة اقتصادنا، ونقلنا من مجتمع مستهلك، بل وملتهم لما تنتجه مصانع الآخرين وما تقذف به آلاتهم، إلى مجتمع منتج، ليس فقط بإيجاد جهاز يهتم بتنمية صناعتنا، وإنما بوجود استراتيجية صناعية نوعية، مقرونة بفكر تجاري دولي لخلق منافذ توزيع وتسويق لما تنتجه مصانعنا، والاهتمام بما تسهم به الصناعة في خلق مجالات وفرص تجارية واستثمارية في العديد من الخدمات والأعمال المرتبطة بالصناعة والمنبثقة عنها.
مشاركة :