زين ربيع شحاتة يكتب: بعثات القطاع العام صور وذكريات

  • 3/20/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تسلم "محمد على" حكم مصر وجــد دولــة ذات ماضٍ عــريق ومستقبل مشرق على ضفاف النهر الخالد، وجد دولة تمتلك سواعد وعقولا تعمد الاستعمار تدميرها، فحشد ثروات الدولة المادية والبشرية وشــــرع فى بناء مصر الحديثة ببناء القناطر والمنشآت التى تضمن الحفاظ على النيل واستغلال خيراته الاستخدام الأمثل، وشرع فى استغلال النهر الموازى للنيل من إصرار المواطن المصرى وعقليته التى تنطلق إلى الإبداع حال توافرت لها الإمكانيات والمناخ المناسب، فتبنى محمد على سياسة إرسال العقول المصرية إلى الخارج بحثًا عن كل جديد فى علوم الطب والهندسة والأدب والفنون وغيرها ونقلها إلى مصر وبالأخص وزارة التعليم أو المعارف ليحقن بها عقول المصريين أساس البناء ودعامة استمراره، وبالتوازى مع البناء والتعليم أسـس جيشا قويا لحماية التنمية، فالتنمية فى حاجة إلى قوة تظـللها.المصرى فى عهد "على" كـــان يتسلح بالدين والانتماء للوطن، فالطاقة الكامنة بداخله كان يؤمن بأنها ملك للوطن الذى تحمل أعباء وتكلفة سفره إلى الخارج، وإنه فى صراع مع الزمن ومع الذات للعودة إلى أحضان الوطن بعد أن يتشبع بشتى العلوم التى تعمل على نهضة بلاده ردًا لجميلها ولمن رشحه وراهــــن على عقليته ووطنيته التى سَتحول بينه وبين مغريات الغرب، هكذا ظلت الدولة المصرية على البعثات حتى أصبح الغرب هم من يبتعث إلينا لتطور بعض العلوم كالطب فى مصر كما هو الحال فى أربعينيات القرن الماضى.ومع تولى الرئيس جمال عبد الناصر أعطى نفس الفرصة لفقراء الشعب للسفر إلى الخارج بعد أن اقتصرت على الأغنياء والصفوة فى عهد أحفاد محمد علي، فدفع عبد الناصر بموجة أخرى من الطلاب إلى الغرب بعد مقابلة شخصية معه لاختبار المرشح بعيدًا عن المحاباة وضمانًا للشفافية، وبالفعل تم بناء جيل جديد ساهم فى بناء النهضة وانتصارات الشعب فى أكتوبر من عام 1973م.إلى الآن نرسل البعثات إلى الخارج من أجل الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه وزاد عليها إرسال بعض الفئات من العاملين بالجهاز الإدارى للدولة لمدة محددة لـــدورة تدريبية أو مؤتمر وغيرها، فكرة بدأها محمد علي وظلت مستمرة إلى اليوم ولكن المصرى اليوم غير مصرى محمد علي وعبد الناصر، فطالب اليوم يفكر فقط فى كيفية استغلال الفرصة ماديًا، بل يذهب إلى أكثر من ذلك فيذهب إلى البحث عن إقامة كاملة عن طريق الحصول على جنسية الدولة التى ابتعث إليها، هذا بالنسبة لطالب الدرجة العلمية، أما بخصوص الدورات التدريبية التى تستغرق عدة أشهر يعود بعدها الموظف إلى وظيفته ليلتف حوله الأصدقاء ويقـص عليهم مشاهداته فى بلاد العجم، ويروى لهم سلوكيات الشعب الغربى المتقدم مثل التوقف فى إشارة المرور بدون شرطى ونظافة الشوارع وغيرها ويستمر لفترة قصيرة ينتقد من حوله فى تصرفاتهم ويقارنها بمشاهداته بالخارج، وكأنه سافر فى رحلة سياحية على نفقته الخاصة وتناسى أنه قد يضطر إلى الاقتراض لاستكمال رحلة مطروح أو دمياط الصيفية، ويجب أن نتوقف عند طريقةا ختيار هؤلاء الأفذاذ لتمثيل وزارتهم فى رحلة العلم والتى لا تخلو من المحسوبية، عـــاد إلى أرض الوطن محملًا ببعض الصور والذكريات، عــــاد إلى أرض الوطن لينضم إلى صفوف الجماهير دون أن يعد ولو تقريرا صغيرا عن رحلته وكيفية الاستفادة منها؟تجدر الإشارة إلى أن هناك موظفي القطاع العام جالوا العالم شـــرقًا وغـــربًا لأجــل دورة هنا ومؤتمر هناك دون أدنى فائدة تذكر، فلماذا لا نستبدل الزيارات الخارجية لهؤلاء العملاء (فمن لا يرد الجميل إلى الوطن هو عميل) باستقدام خبراء من الخارج لتدريب المصريين فى الداخل وبدلا من أن يتعلم مواطن واحد يمكن أن يستفيد عدد أكثر علمًا بأن التكلفة قد تكون واحدة أو أقل، وبذلك نخلق روحا تنافسية بين الموظفين تصب فى مصلحة قطاعات الدولة لتحيا مصر.

مشاركة :