تحدث الشيخ عبدالله بن سالم المناعي خطيب جامع الخالد بالمنامة أمس عن «الفطرة التي فطر الله الناس عليها».. حامدا الله على أن هدانا للفطرة السليمة التي تعتبر رصيدا معينا على الخير.. مؤكدا أن بعض الأنظمة الحاكمة اليوم والتي لا تعرف للإنسانية من حقوق قد صادمت فطرة الله، وحكمت أنظمة شيوعية وحزبية وفاشية راح ضحيتها كثير من الناس في سوريا وفلسطين وبلاد الرافدين وبورما واليمن وفي الأهواز السنية، وقال الشيخ عبدالله المناعي: يقول ربنا جل ذكره: «فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» (الروم: 30). فطرة الله أي أن الإنسان مفطور على الدين الحق كما روى مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، ولم يذكر الإسلام لأنه دين الفطرة الذي أكمله الله لنا ورضيه وأتم به علينا نعمته، وهذه الفطرة هي التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن، فقال جبريل: «الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر لغوت أمتك». فالحمد لله أن هدانا للفطرة السليمة التي تعتبر رصيدا معينا على الخير، لكن هذه الفطرة من لم يحافظ عليها فقد تنتكس وتنقلب، والشياطين من الجن والإنس بإغوائها تسعى لحرف الناس عن الفطرة، جاء في صحيح مسلم من حديث قدسي قول الله تعالى: «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا»، يقول ابن تيمية: «فطر الله عباده على محبته وعبادته، فإذا تركت هذه الفطرة بلا فساد كان القلب عارفا بالله محبا له عابدا له وحده». الفطرة المبدلة تجد نفرة من الحق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينما دعا عبـّاد الأصنام إلى عبادة الله وحده رفضوا وقاتلوا من أجل حجر وقالوا إنما أنت يا محمد بشر. سبحان الله!! رضوا أن يكون إلاههم من الحجر ورفضوا أن يكون رسول الله من البشر. وكم من الأنظمة الحاكمة اليوم التي لا تعرف للإنسانية من حقوق صادمت فطرة الله وحكمت أنظمة شيوعية وحزبية وفاشيه راح ضحيتها كثير من الناس في سوريا وفلسطين وبلاد الرافدين وبورما واليمن وفي الأهواز السنية من قبل حكوماتهم التي لا تعرف للرحمة أي معنى للإنسانية، وأنهم قتلوا شعوبهم بالنار والحديد، لكم الله يا أهل الشام وفلسطين الجريحة، إنهم فشلوا فشلا ذريعا لأنهم اصطدموا مع فطرة الله وعاشوا في صراع مع الفطرة، فثار الناس على تلك الأنظمة لأنها لم تلب حاجتهم الروحية ولا الدنيوية. من السعادة مراعاة الفطرة وموافقتها في التعايش مع الناس والخلطة بهم وحسن الخلق في التعامل مع الجميع، ومن ذلك مراعاة العواطف البشرية وعدم كبتها وطمسها وقتلها بعادات قاسية وتعاملات جافية جافة جامدة. الفطرة السوية هي التي تمنع من قتل كبار السن والنساء والأطفال في المعارك والحروب حتى لو لم تجرم القوانين ذلك، وهو ما أكدته شريعة الإسلام، روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة». أين هذا التوجيه النبوي، أين الفطرة السليمة من جرائم النظام النصيري البعثي في سوريا الذي تلطخت يداه بمجازر لأطفال أبرياء؟ وما ذاك إلا لانحراف فطرهم وانطماسها وترسخهم في الإجرام، قاتلهم الله أنى يؤفكون. احمدوا الله على أن منَّ علينا بالإسلام دين الفطرة، فالإسلام جاء منظما للفطرة مشبعا لحاجتها فيما أحل الله، وأي اعتداء على الفطرة فعلاجه بالعودة إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «قد أصبحتم على الفطرة وإنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول». فإن دين الإسلام دينُ الملّةِ المستقيمة والشريعةِ العادِلة، تتجلَّى في أحكامِه حِكَمُه ومقاصده، وفي تشريعاتِه محاسِنُه وفضائلُه، وفي أركانه عظَمَته ورِفعته، ورُكن الزّكاة هو ثالِث أركان الإسلام ومبانِيهِ العِظام التي إذا اختل شيءٌ منها حصل التصدع فيما سواه. الزكاة نسبة محددة من المال، يخرجها المسلم الغني الذي يملك نصابًا معينًا مضى عليه عام قمري كامل. ونحن أيها الإخوة على موعد قريب وموسم كريم من مواسم الخيرات ليغفر الله لنا ذنوبنا ويكفر عنا سيئاتنا ويضاعف لنا الثواب ويرفع لنا الدرجات بعد شهر أو أكثر بقليل، انه شهر رمضان، شهر مقدم وأرباح، شهر قراءة القرآن، شهر الذكر والعفو عن الناس، شهر الصدقات والزكاة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو ببلوغ رمضان، فكان إذا دخل رجب يقول: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلَّغنا رمضان).
مشاركة :