في لقاء تلفزيوني بالبرنامج الذهبي "اتنين ع الهوا" سألت الاعلامية "فريال صالح" ضيفها المبدع الشاعر الغنائي "عبدالوهاب محمد" عن حاضر ومستقبل "الأغنية" في مصر، وكان اللقاء في فترة الثمانينيّات، فأجابها بقوله "أنا غير متفائل لان الفهلوة والاستسهال دخل في صناعة الأغنية من حيث الكتابة والمزيكا".هل انتبهت لقول الشاعر الكبير وتوقيت تصريحه، وماذا لو كان يحيا معنا الآن وسمع أغاني من عينة "ازوقه وهاتي بوسه يابت ومطرب العنب والحمار والخيار والهجص والرقص وتدني الذوق في لهجة الأغنية والمزيكا والأصوات.أعتقد أن الشاعر الكبير وذويه في عصره من سادة الإبداع والإمتاع ما كانوا ليقبلوا أو يسمحوا لتلك "الهوجه" و"الزيطه" التي طفت على سطح الاغنية وملأت الدنيا عبثًا بالضجيج والتلوث السمعي والبصري، ووأدوا الظاهرة بكل ما أوتوا من قوة وبأس.ومثلما كانت الأغنية براقة والإبداع في شتى مناحي الحياة في الثقافة والأدب والإعلام والموسيقى والسينما، كان الحب أيضًا صادقًا، عميقًا، مبهجًا، والذوق الرفيع بكل معانيه وألفاظه.. حيث التقدير والتعبير.. البهاء والحياء..التغيير بالتنوير لا التغييب والالهاء.وماذا عن الآن؟! لا يوجد أكثر من البرامج التي ملئت شاشات الفضائيات اليوم، ورغم ما تتكلفه هذه البرامج حتى تظهر لك بهذه الصورة إلا انها تخرج مليئة بالأخطاء، المشاهد يمل من كثرة الفواصل وركاكة المحتوى وسطحية المذيع والإعلانات التي تتخلل البرنامج، لدرجة تدفعك للحنين إلى برامج زمان من حيث المحتوى وحتى بساطة الديكور والمذيع وعمق ثقافته وأدائه. بمجرد ما تشاهد أحد مذيعي تلك البرامج القديمة أو تسمع "تترات" برامجهم، ستسترجع فورًا ذكريات زمان، وإذا قارنت بين برامج هذا العصر بكل إمكانياتها وبرامج زمان ببساطتها، ستخرج المقارنة لصالح القديمة فورًا. سيأخذك الحنين حيث "العالم يغني" وتسترجع ذكريات "اخترنا لك" وتتمنى مشاهدة "سينما الأطفال" وترغب في "ساعة لقلبك" و"تاكسي السهرة" و"أجمل الزهور ". لن تنسى بالطبع شياكة فريال صالح وثقافة ملكة الكلمة آمال فهمي وابداع سهير شلبي وهدوء طارق حبيب وماما نجوى وأبلة فضيلة وفريدة الزمر.لا تعجبن من تدني الذوق وعصبية الحياة وضيق الأفق وكثرة المشكلات الاجتماعية ونسبة الطلاق والمجروحين عاطفيًا فالحب في زمن المحمول ينهيه بلوك على فيس بوك مثلما بدأته مكالمة هاتفية نتيجة للسطحية في صندوق التخدير التلفزيوني ومسلسلات اللهو ونوعية الأفلام الهابطة التي تستهدف تضييع عقول الناس مثلما تفعل المخدرات بالمدمنين.
مشاركة :