من ٣٢ يوم فاتوا أرعبت واقعة اعتداء "مسطول" على فتيات في أماكن حساسة بجسدهن بسلاح أبيض، سكان روض الفرج، وأثارت حالة من الذعر والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، وغضب إثرها أصحاب النخوة والأهالي وتمنوا لو يلقاه أحدهم ليَفْتِك به.الواقعة انتشرت كالنار في الهشيم وتناولتها المواقع الإخبارية ومنصات إعلامية مدعومة بفيديوهات للحظات الاعتداء على السيدات ب "كتر" في مناطق حساسة ثم هروب الشخص مستقلًا سيارته الجيب.وخشيت الفتيات من التحرك بالشارع بمفردهن بعدما دار بخلدهن حكايات سفاح المعادي وكرموز وغيرها من الحوادث الشاذة عن تقاليد المجتمع وأفكاره وسلوكياته. أجهزة الأمن لم تكن بعيدة عن الحادث، فبعد تعدد البلاغات وحساسيتها وخصوصيتها وبعد أن تسببت في ضجة إعلامية، انعكست الحالة على المواطنين خاصة في منطقة روض الفرج تلك الوقائع فتسبب في ذعر لهم، وخشين التحرك، فألقى رجال المباحث القبض على المتهم في وقت قياسي.طبيعة عملي كمتخصص في الملف الأمني والحوادث أجبرتني على متابعة وتغطية الحدث كاملًا وحصلت على فيديوهات للحظات الاعتداء على السيدات، واطلعت على جزء من التحقيقات مع المتهم، ونقلت اعترافاته، وحررت بيان الداخلية الرسمي، بعد ضبط المتهم وإحالته إلى جهات التحقيق.لكني فوجئت أمس الأول أنا وعديد من زملائي ببراءة المتهم بعد شهر فقط من الواقعة، التي هزت الرأي العام، وذلك عقب تصالحه مع المجني عليهن، رغم أن التقرير الطبي المبدئي للمجني عليهن أكد إصابتهن بجروح عميقة وخضوعهن لإجراء عمليات خياطة غرز وصلت لـ 20 غزرة، كما أن التحقيقات أكدت تعرض إحدى المجني عليهن للطعن خلال وقوفها في شارع شبرا بالقرب من محطة مترو "مسرة".كما أحالت النيابة العامة المتهم للمحاكمة العاجلة بتهمة التعدي على السيدات، لتبرئ المحكمة المتهم أمس الأول بعد تصالحه مع المجني عليهن معه في الوقائع التي ارتكبها.ليس تعقيبًا على حكم قضائي يُعتد به ولكن تعليقًا على واقعة أشاعت الرعب في نفوس كافة المواطنين وليس فقط في نفوس الضحايا، لماذا لا يتم إجراء تعديل تشريعي لكونها جرائم يمتد فيها الضرر من الخاص إلى الضرر العام.هل ترويع المجتمع بأكمله، وتهديد السلم الاجتماعي وليس ضحايا بعينهم وقع عليهم الضرر وبث الرعب في نفوس المواطنين، لا يستوجب إصلاح تشريعي يضمن أحكامًا رادعة لمرتكبي تلك الجرائم؟!.متى وأينما سيتحقق الردع لمرتكبي مثل تلك الجرائم، طالما وأن "الدية" معروفة، والتمن سيتم دفعه، والاغراء للتصالح مطروح على طاولة التفاوض مهما كان عمق المشكلة، وأثار الضجة، وخسائر الواقعة.أطالب الجهات التشريعية بسن قوانين تُغلظ العقوبات واُحاكم مرتكبي مثل هذه جريمة وأن يكون الحكم فيها بحجم الضرر الذي لحق المجتمع، وأن يستلزم التصالح فيها، رضاء المجتمع بأكمله، وتصالحه، لأن ضرر الترويع امتد إلى الجميع.
مشاركة :