ليس هناك بد سوى البلطجة، ولا يوجد أفضل من فرد العضلات كي تضمن البقاء، هذا صديقي وعزيزي قانون الغابة الذي ما أشبه حالنا به، فلطالما تجد من يسير بيننا ويتعايش معنا بخدعه المعهودة، وكذبه المصنوع، ونجاحه المصطنع، لأنه فقط يجيد حبك الأوهام، وتركيب الأعذار، وتلفيق النصوص، ليجني مجدًا مزيفًا مكشوفًا وما أكثر الحمقى.في المقابل، هناك "الحرامي" المجتهد الذي يسرق، ويعرف أن الناس يعرفونه سارقا، فلا يتلون، ولا يزيف حقيقته، فهو قانع بما يفعله، مجتهد فيما يصبو إليه، لا يسطو على جهد أحد، فغنيمته من كد يديه، ويتشرف دائمًا بما ينجزه، ويعتقد أنه "صاحب مبدأ".لا شرف لـلصين، لكن هناك فرقًا بينهما وهو "الأمانة"، التي فقدها حتى الشرفاء، حكى لي صديقي طبيب التخدير الشهير منذ عامين عن قصة صاحبه الذي سُرقت سيارته في إحدى المحافظات النائية وبعد تحريره محضرًا في قسم الشرطة نصحه أحد معارفه بتوسيط شخص من المشهور عنهم ذوي السوابق في سرقة السيارات لإعادة سيارته، وقبل الاتفاق مع "شيخ المنصر" المعروف بالمنطقة، ورد اتصال هاتفي من مجهول لصاحب السيارة المسروقة يساومه على إعادتها مقابل دفع مبلغ يقارب ٣٠ ألف جنيه وهو قيمة ٢٠ ٪ من ثمنها.ذهب أخينا صاحب السيارة المسروقة رفقة الوسيط إلى ذوي السوابق للبحث عن حل في تلك المشكلة فقال له الأخير نصًا "انت جاي من طرف حد غالي علينا.. العربية دي مش احنا اللي سرقناها لكن سيبني أشوف مين خدها ونرجعهالك".٢٤ ساعة فقط مرت، حتى جاء رد الوسيط السوابق إلى صاحب السيارة "خلاص احنا عرفنا مين خدها وعشان خاطر الراجل اللي انت جاي من طرفه هنرجعهالك وهياخدوا ١٣ الف بس".فمبلغ الفدية أقل من النصف والسيارة في مأمن طالما لديه "الواسطة" التي تدخلت لتكف الأذى وتبطل المماطلة، وتوقف سيناريوهات الخوف المحتملة للسيارة من تقطيع وتجزئة وبيع ومماطلة ...الخ.وردًا للجميل عزم صاحب السيارة المسروقة، دفع مبلغ ٢٠٠٠ جنيه زيادة إكرامية للسوابق "المجدع"، فرد الأخير صارمًا بما أدهشه، "والله ما آخد قرش حرام، الحاجة اللي متعبناش فيها -ماسرقنهاش- ماناخدش فلوس عليها". مسرورًا، عاد الرجل بسيارته، لكنه فوجئ بعد وصوله بوجود مشكلة كبيرة في "كونتاكت"، السيارة، وذهب إلى منطقة الحرفيين، فأخبره الفني أنها ستتكلف نحو ١٤ ألف جنيه ولم يجد بدا من مهاتفة أخينا السوابق، ليخبره بأن "زملاءه" اللصوص حنثوا وعدهم وأعادوا السيارة وبها جزء عطلان سيتكلف نحو ١٤ الف جنيه لإصلاحه.انزعج الوسيط، وأوعز لصاحب السيارة الذهاب إلى فني آخر على أن يخبره أنه طرف "فلان الفلاني"، فأصلح العطل بـ ٤٠٠ جنيه فقط، ولولا تدخل صاحبنا ما عادت السيارة، ولا أُصلح العطل. هذا "اللص" رغم أنه فاقد للأمانة لكنه مفيد، ومازال يقبض على بعض مبادئه، وما أسعد من هم أصدقاء للصوص الذين يجيدون إنهاء الأمور دون قلق.
مشاركة :