لزوم ما لا يلزم !

  • 5/3/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عوني صادق مع وصول هذا المقال إلى القارئ، يكون «المجلس الوطني الفلسطيني» قد أوشك على الانتهاء من جلسات انعقاده «غير العادي» الثالث والعشرين، الذي يأتي بعد انقطاع يقترب من ربع قرن. ومما جاء على لسان واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في حديث لجريدة (الأيام-30/ 4/ 2018)، يبدو أن المجلس سوف يتخذ «قرارات» من فئة «القنابل الصوتية» رداً على الاتهامات الموجهة إليه من عدة جهات. وبصرف النظر عن هذه «القرارات» وطبيعتها ومآلاتها المعروفة، يمكن للمراقب أن يضع المجلس وانعقاده «غير العادي» تحت عنوان «لزوم ما لا يلزم»! وهنا يصبح السؤال: لماذا هو كذلك؟! بداية، يعتبر المجلس الوطني الفلسطيني حسب ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية أعلى سلطة تمثيلية للشعب الفلسطيني. هذا عندما يكون مستوفياً لشروط العضوية، والتشكيل بالانتخاب الحر وليس بالتعيين، والاجتماع في الزمان والمكان بدعوة من رئاسة المجلس الشرعية المنتخبة، لكنه في الظروف الحالية يفتقر إلى كل تلك الشروط، بعد ربع قرن من التوقف والانقطاع. ويعتبر المجلس اليوم وكل «المؤسسات» المنبثقة عنه فاقدين للشرعية ولا حق له في عقد الاجتماع أو اتخاذ أي من القرارات. والحقيقة أن «منظمة التحرير الفلسطينية»، التي اعتبرت في يوم ما «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، بعد حذف وتعديل مواد أساسية من ميثاقها الأصلي، وبعد استيلاء «سلطة أوسلو» و«نظام التنسيق الأمني» عليها، لم تعد شرعية. وبالتالي يبدو كل «الجهد المبذول» في كتابة المقالات التي تحدثت عن «الانعقاد الثالث والعشرين» للمجلس، والتي ناقشت مختلف القضايا المتعلقة به و«التحديات»، الموالية والمعارضة، غير ذي صلة! في مرحلة ما بعد ما سمي «برنامج النقاط العشر» الذي أصبح «البرنامج المرحلي»، كانت «منظمة التحرير» توصف بأنها قد تحولت إلى «منظمة تمرير» للمشاريع التصفوية، لكنها بعد قيام «سلطة أوسلو» تحولت إلى «حصان طروادة» وإن احتفظت بوظيفة التمرير! والمنظمات الفلسطينية التي توصف بأنها «معارضة»، سواء تلك المنضوية تحت راية منظمة التحرير أو التي خارجها، كانت تختلف في الدرجة فقط من حيث انخراطها في «سلطة أوسلو»، طالما أنها اعترفت بها وتعاونت معها، ودخل بعضها في «الوظيفة» التي أنشئت من أجلها هذه السلطة. لذلك لم تبدأ المشكلة مع «الانقسام» ولا مع عدم القدرة على التوصل إلى تحقيق «المصالحة»، ولا هي اليوم في رفض انعقاد المجلس الوطني! المشكلة بدأت بشكل واضح مع ذلك البرنامج سيئ الذكر، «برنامج النقاط العشر»، وكل ما جاء بعده لم يكن أكثر من تلاعب في الأسماء والمصطلحات وتمويه سقوط «النظام السياسي الفلسطيني»! إن «سلطة أوسلو» وهي تريد أن توهم البعض بأنها تتمسك بما تسميه «الثوابت الوطنية»، لن تخدع أحداً بأنها لم تلغِ عملياً تلك الثوابت، وأنها عندما تجتمع في «المجلس الوطني» لم تلغِه ومن قبله منظمة التحرير، إذ لم تكن «دويلة ال 15%» هي ما عناه مصطلح «التحرير» في ميثاق منظمة التحرير! أما المنظمات «المعارضة»، بدورها فلن تستطيع أن تقنع أحداً أنها لا تزال تتمسك ب«الثوابت الوطنية» وهي تختلف على «الشراكة» مع «سلطة أوسلو» أو الحصص من «الكعكة» التي أكلتها «إسرائيل»! الوضع الفلسطيني الراهن، العاجز عن التمسك بالثوابت الوطنية والأعجز عن التحرير، هو مسؤولية «الكل الفلسطيني»، وكل من يحاول أن يبرئ نفسه من هذه المسؤولية منافق يدافع عن نفسه. قد يقول البعض إنه كان ينتقد، أو يعارض، ويضع في الوقت نفسه «شروطاً» يعتبرها الضمانة لتصويب وتصحيح الأوضاع. لكن ماذا أفادت «الشروط»؟ هل أوقفت عجلة التفريط والتنازلات التي أقدمت عليها «سلطة أوسلو»؟ هل غيرت شيئاً من طبيعة المسار المعروفة نهايته؟ والأهم ما قيمة تلك «الشروط» التي تنتهي بالعودة على نحو أو آخر إلى أحضان أوسلو وسلطته؟! لذلك، فإن ما قيل ويقال وسيقال عن انعقاد «المجلس الوطني الفلسطيني» الثالث والعشرين يقع في خانة «لزوم ما لا يلزم»!! awni.sadiq@hotmail.com

مشاركة :