لزوم ما لا يلزم في الصحافة! - مقالات

  • 12/1/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ليسمح لي القارئ اللطيف أن أدخل في الموضوع دخولاً أمنياً على إرهابي نائم في بيته... بلا مقدمات! إن أي فن أو أدب لا يأخذ الناس لمساحات تخرجهم من مأزقهم البشري، ولا يدعو إلى توقف ستائر الدم التي تنسدل أمامنا على شاشات التلفاز... فهو أمام الله مما لا يعول عليه. وأي دعوة لعلمانية تفرض نفسها وتنسى أنها واحدة من الأفكار والمقاربات الموجودة في المجتمع، وليست كل الأفكار أو المقاربات، وتنسى أن عليها أن تجلس على طاولات الحوار وليس كراسي المناظرات... فهي دعوة لا يعول عليها. وأي تجديد في الخطاب الديني يفجر التأويل ولا يراعي سياقات المجتمع وهويته، ويسقط من أعلى ولا يبدأ من وعي الناس... فهو تجديد لا يعول عليه. وأي خطاب مجتمعي في العالم الافتراضي أو الواقعي يعزز الطائفية والعنصرية والبغضاء وانتظار الفضيحة والبحث عن الزلة والشماتة في الناس... فهو خطاب لا يعول عليه. وأي دعوة تحمل في طياتها فكرة التطبيع مع إسرائيل تحت نزوات وطنية أو اقتصادية أو أمنية... لا يعول عليها. وأي جماعة أو حزب أو عمل أو فكرة أو رؤية أخذت الناس بعيداً عن الله... لا يعول عليها. والتيارات السياسية التي تجرف ولا تبني، تفرق ولا تؤلف، تحرق الغابة ولا تزرع شجرا، تعمل على تحرير «الشيكات» مع كل فرد، ولا تعمل على تحرير «الممكنات» الموجودة في كل فرد... لا يعول عليها. وأي دعوة اجتماعية تقدر الناس حسب سياقاتهم الاجتماعية وأرصدتهم البنكية وتهمل معايير القضية الأخلاقية التي يتعاطون معها، فهي دعوى باطلة... لا يعول عليها. وأي سياسي شارك في الشأن العام بنفس الأطروحات السياسية التي لا تنفذ في كل مرة، بحيث يصبح العامل في المطبخ الفندقي الذي يتحرك بين الثلاجة الكبيرة والفرن الكهربائي في نطاق عمل تلقائي وملل أفضل منه، وللوهلة الأولى ستعتقد أن عملاً روتينياً مثل هذا لا يتطلب الكثير من الذكاء، ولكنك إذا ما قارنته مع عمل السياسي الذي يظل يكرر الأكاذيب والبراهين نفسها بغض النظر عن أي موقف يواجهه ستكتشف أن طباخ الفندق يمتلك مستوى عالياً من المعرفة والمهارة والمرونة بحيث يقدم العديد من الأطباق بين الثلاجة والفرن... بينما السياسي لا يملك إلا طبخة واحدة بين كل انتخابات وأخرى... فذلك سياسي لا يعول عليه. وأي فرد يعامل وطنه على أنه موقت، ويقوم بعملية انسحاب غير وقور من واقع وطنه، ليدخل في واقع أوطان أخرى... فهذا مما لا يعول عليه. وكل تصور عن الكويتيين في أن وجودهم في الحياة مرتبط بغيرهم، وأنهم غير قادرين على إدارة دفة أراضيهم... فهذا مما لا يعول عليه. ولتعلم في النهاية أن اتفاق الكويتيين على خطاب وطني مشترك يلتف حول الداخل ليجعلوا من الكويت عروس الحياة كما فعل أجدادهم يوماً... فهذا من أروع ما يعول عليه. فمثلاً، لو اتفق أجمل الفلكيين العم صالح العجيري مع خبيري الأرصاد الجوية الأستاذ عادل السعدون والأستاذ عيسى رمضان حول أن هناك جواً مشمساً ومستقبلاً مشرقاً، فلا بد من أن الأمر كذلك... وغير ذلك فهو مما لا يعول عليه. كانت هذه مقدمة لما يعول عليه وما لا يعول عليه من المضاف والمضاف إليه في حياتنا خلال الربع قرن المنصرم، فحتى «سبونج بوب» سيتفق معي حول أن هذه أشياء لا يعول عليها البتة! أما ما أردت قوله في صميم الموضوع، فهو أن دونالد ترامب بتكشيرته ومزاجيته وتغريداته... مما لا يعول عليه بتاتاً. أما أنت عزيزي القارئ، فإذا لم يعجبك كلامي هذا، فكل ما عليك فعله هو أن تعتبر مقالي هذا من صنف لزوم ما لا يلزم في الصحافة... أو مما لا يعول عليه في الكتابة. قصة قصيرة من كتاب تصفحته: في الوقت الذي اهتزت فيه نابولي من الضحك لعروض الممثل الكوميدي كارلينيا، جاء رجل إلى طبيب مشهور في تلك المدينة للسؤال عن علاج للسوداوية المفرطة، والتي أساءت إلى صحته، فنصحه الطبيب بالبحث عن تسلية والذهاب إلى عروض كارلينيا، فأجابه المريض: أنا كارلينيا! كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :