بعد الإعلان عن فوز الشاعر والروائي الروسي بوريس باسترناك بجائزة نوبل للآداب عام 1958 عن روايته «دكتور زيفاجو»، التي صدرت في إيطاليا أولا، ثم في موسكو، بالتزامن مع معرض بروكسل للكتاب، فُوجئت الأكاديمية السويدية بخطاب منه يعتذر فيه عن قبول الجائزة. كان باسترناك في الأصل سعيدًا بفوزه بجائزة نوبل حسبما بدا من إحدى الصور الفوتوغرافية، وهو يقرأ نص البرقية لكنه اعتذر عنها بعد الهجوم الذي تعرض له من اتحاد الكتاب السوفيت. كتب باسترناك في رسالته: «بالنظر إلى المعنى الذي منحته هذه الجائزة لي في المجتمع الذي أنتمي إليه، يجب أن أرفض هذه الجائزة غير المستحقة التي قدمت لي. من فضلكم لا تتلقوا رفضي الطوعي بعدم الرضا». لكنه في أكتوبر من العام نفسه، أعلن أنه قد غيَّر موقفه من جائزة نوبل للآداب، وادعى أنه اتخذ قراره دون التشاور مع أيٍ من المقربين له. يقول البعض بأن عشيقته «أولغا إيفنسكايا»، كانت مصدر إلهامه لكتابة روايته الشهيرة «الدكتور زيفاجو»، هذه الرواية التي عادت من جديد لتكون محط الأنظار بعدما انتشر خبر الرواية التاريخية «المثيرة» للكاتبة الأمريكية لارا بريسكوت، التي تسرد فيها كل الملابسات والتفاصيل التي أحاطت برواية «الدكتور زيفاجو» منذ كتابتها وحتى نشرها. وتستعيد رواية «المثيرة» للكاتبة الأمريكية لارا بريسكوت، والتي من المقرر أن تصدر في ربيع 2020. تفاصيل كواليس الهجوم الذي تعرض له الكاتب الروسي بوريس باسترناك بعدما فاز بجائزة نوبل للآداب، بعد نشر روايته «الدكتور زيفاجو». كان باسترناك قد التقى مع أولغا إيفينسكايا في يوم جليدي بارد عام 1946 حينما كانت تعمل في مجلة أدبية روسية، وكان باسترناك يتصل بها هاتفيًا كل يوم في مكتبها، وهي كما قالت كانت سعيدة جدا بمكالماته إلا أنها كانت تتعذر بأنها مشغولة خشية من أن يكون اهتمام باسترناك بها هو مجرد إعجاب مؤقت من شاعر شهير. كانت أولغا أرملة وتعيش مع ابنها وابنتها في حين كان باسترناك متزوجًا من زوجته الثانية «زينايدا»، لذلك فقد أمضيا أيام الرومانسية الطرية الأولى في التسكع في شوارع موسكو الباردة. لم يتمكن باسترناك من التوقف عن حب زوجته وطفله اللذين كانا يعيشان خارج موسكو، كما لم يتوقف عن حبه أولغا أو التخلي عنها، وعاش في حالة تمزق وتأرجح بسبب ذلك. كان فارق السن كبيرًا بين الاثنين حينما التقيا: كان باسترناك 56 عاما وأولغا 34 عاما، لكن الحب أعمى كما يقولون. تقول أولغا: «كنا جالسين على مقعد في حديقة عامة وكان يقرأ لي فصلا آخر من رواية الدكتور زيفاجو وأثناء الحديث لفت نظري أن رجلا جلس بالقرب منا وكان واضحًا أنه يراقب أحاديثنا وظل يتابعنا. وفي تمام الساعة الثامنة من مساء نفس اليوم، اقتحم 12 من رجال الشرطة شقتي واستولوا على الكتب العديدة التي أعطاني إياها بوريس وكل رسائلي ومذكراتي، ثم أودعوني سجن لوبيانكا الشهير في موسكو». خلال فترات اعتقال أولغا، كان باسترناك يهتم بعائلة أولغا ويرعى شؤونها متحملا كل متطلباتها، وهو ما ذكرته ابنة أولغا، حيث قالت: «بفضله تمكنا من مواجهة البؤس والاستمتاع بطفولة طبيعية إلى حد معقول.. ذكرياتي ليست فقط عن الثياب النظيفة ولا عن حساء البازلاء... يمكنني أيضا أن أتذكر أشجار عيد الميلاد والكتب والرحلات إلى المسرح.. بفضل باسترناك كنا قادرين على العيش».. في عام 1932. وبعد تعرضه لحرب شعواء، قام باسترناك بتغيير أسلوبه حتى يتوافق مع المفاهيم السوفيتية الجديدة وذلك في مجموعته «الولادة الثانية» ما أصاب عشاقه بالخيبة. وفي عام 1943 أصدر مجموعته الجديدة «قطارات مبكرة» التي لجأ فيها باسترناك إلى المباشرة والبساطة في الوطنية حتى وصفه «فلاديمر نابوكوف» باسم «البلشفي المتباكي». وبعد ذلك تحوّل إلى ترجمة الشعر العالمي إلى الروسية، فترجم بعض أعمال شكسبير ومجموعة من أعمال الشعراء الجورجيين الذين كان ستالين يحبهم، فقام ستالين بحذفه من قائمة الاعتقالات وقال: «لا تلمسوا ساكن الغيوم هذا؟». توفي بوريس باسترناك بعد أن احتفل بعيد ميلاده في عام 1960. ورفضت زوجته أن تدخل أولغا غرفته لكي تودعه الوداع الأخير، وبعد الجنازة استولت الشرطة على مخطوطات وخطابات بوريس، وتم اعتقال أولغا وابنتها. وقبل وفاة أولغا في عام 1995. كتبت رسالة أخيرة إلى بوريس يلتسين، الرئيس الروسي آنذاك، تطلب فيها إعادة جميع رسائل الحب لبوريس إليها. وهذا الطلب لم يتم تنفيذه. Alqaed2@gmail.com
مشاركة :