ليس بدعاً من القول أنه بمقدار ما تنتشر المحسوبية (الواسطة، الشرهة) في تنصيب الموظفين، تتدحرج عجلات التنمية للخلف، وبقدر ما تستقيم الموازين وتضبط الوظائف باختيار المؤهلين الأكفاء لا الأقارب والأصدقاء تجنى الثمار وتظهر النتائج، ويزداد الخطر كلما استشرى داء البر بالأقربين على حساب الوطن ومنجزاته، بدءاً من رأس الهرم -في أي جهةٍ من الجهات- إلى قاعدته، فكُلٌّ سيقتدي برئيسه، وكُلٌّ سيبر قريبه، وسيجد من يتورّط بالمحسوبية من القيادات الإدارية حرجاً في دفع محسوبيات مرؤوسيه، وستتحول القطاعات إلى إقطاعيات، والموظفون من منتجين لمستهلكين، متكسّبين على حساب الوطن ونتاجه التنموي، لأن التحيز للمصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة، سيُضخِّم المكتسبات الفردية، ويُغذِّي النهم، ويبتلي الوطن بأفراد ينهشونه فلا نلمس نموه. مؤخراً خلص بحث حكومي أجراه الأستاذ المشارك في معهد الإدارة العامة الدكتور محمد البيشي إلى أن الولاء للمسؤول تربَّع على هرم المعايير السلبية المحيطة بعملية اختيار القيادات الإدارية، بنسبة 42%، تليه الطاعة العمياء بـ34%، فالانتماء الإقليمي والمكانة الأسرية بواقع 32% لكل منهما، وصولاً إلى الانتماء القبلي بـ20%. وكشف البحث الذي طرحه خلال الجلسة الأولى لليوم الثاني لمؤتمر القيادات الإدارية الحكومية في المملكة "الواقع والتطلعات" إلى أن معوقات اختيار القيادة في الجهات الحكومية تكمن في "وجود أنظمة تحد من حرية اختيار الأفضل بنسبة 58%، وجود لوائح تنظيمية تحد من حرية اختيار الأفضل بنسبة 51%، وتدخل عامل الوساطة في الاختيار بنسبة 75%، وأسلوب المجاملات المتبع من قبل المسؤولين بنسبة 73%، وتقديم المسؤولين لعامل الطاعة على الكفاءة بنسبة 76%، وتقديم المسؤولين لعامل الولاء الشخصي على مصلحة الجهاز بنسبة 69%". نتائج الدراسة ليست مفاجئة، لكنها تضع المرآة أمامنا، وتشير لعيوبنا الإدارية التي نرتكبها بحق وطننا ونموه ومستقبله، من أجل استرضاء (خواطر من يعز علينا)، ما يساهم في تعملق المصالح الفردية، وتواري مصالح الجمع خلفها. @511_QaharYazeed lolo.alamro@gmail.com
مشاركة :