خطاب مدجج - مهـا محمد الشريف

  • 12/23/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن لكل باحث رسالة يريد تبليغها للناس تأكيداً لقناعته وإدراكه الذي يفوق الواقع أحياناً، ويملك حركة عفوية تخلق الحدس وترتبط بعلاقة معرفية موغلة في العقلانية. ويعتبر ذا رؤية منطقية تصلح الأشياء الطفيفة وتتجاوز عن قناعات الآخرين من مبدأ حرية الاختلاف وتحديد المهارة المستهدفة، التي تعدد الآراء والميول وتنوع الحياة معتقداً أنه ليس بالضرورة أن يكون السابق هو الأصل، (فمن يريد القضاء على الأهواء عوض تنظيمها إنما يريد أن يكون مَلكاً) كما قال فولتير. وأن للحياة ترجمات جديدة تحمل على عاتقها نقطة انطلاق المستقبل مع الاحتفاظ بهوية الحاضر رغم تزايد تعقيدات المجتمع الذي استغرق وقتاً طويلاً ليكون مجتمعاً مدنياً بالمفهوم العام. كما هو شأن بعض القضايا الاجتماعية التي غالباً ما يرفضها البعض ويقبلها البعض الآخر، لم تعد الأجزاء المتفرقة جزءاً من هذه الضجة المثارة فعندما يمتزج الصراخ بالصواب لا أحد يسمع، لقد كان مروجاً لذاته قبل أن يسلك طرقات مختلفة، ما جعل وضعك في الواجهة خطيباً جماهيرياً من نوع آخر لكي تتحمل تبعات السقوط وحدك. إن الديموقراطية ليست نزهة لرجل يحمل مشعلاً في النهار، يريد تصحيح أخطاء صغيرة ليعيدنا أدراجنا عشرين سنة، إن الحياة تحتاج إلى العلاقات العامة والظهور الجذاب وليس الظهور الإعلاني لتقدم ماتريد وتحصل على نتائج عشوائية. لقد علم أغلبنا أنك لست باحثاً وإنما تملك حقيقة ولكنك خلطت بين المهنة والمهمة، وأسرف الذين حولك في سرد القصص وتوجيه اللوم والتهم وتم صنع ثورة من العقبات لتسقط قناعاتك ويتعثر مشروعك. إنها ليست المرأة الأولى التي ظهرت بحجابها ورفعت عن وجهها في الإعلام المرئي وبرفقة زوجها، لولا الموجة التي صادفتها كونها زوجة رجل دين فأشغلت الرأي العام ومواقع التواصل، فالمهمة الأولى هي أن يعمل الفرد بخصوصيته بعد أن يجدد العدة الفكرية ويرصد التحولات والحراك الاجتماعي. غير أن إسباغ العبارات المنمقة والتي تكتظ بالمديح لأي شخص يريد إثارة الرأي العام واستفزاز المشايخ لن يقدم حلاً منطقياً مهما كانت قضيته عادلة، فالمجتمع يبحث عن مواءمة وليس عن عداء سلبي يؤجج بين الناس الفتنة ويستدرج الجماهير إلى أزمات ثقافية قديمة أوشك الحاضر على حلها. أما إذا كنت لا تحافظ على الموجود وتبحث عن المفقود فلن يكون لك يد في رفع الالتباس عن المفهوم، ولن يكون الاعتراف حاضراً بالجهل حتى يتسنى تجاوزه، (ولا تجعل يقينك شكاً ولا علمك جهلاً. ولا ظنك حقاً، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت وقسمت فسويت ولبست فأبليت.. عن عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه). لدينا القدرة على الاختيار ولسنا بحاجة لفرضية تسمح بالخروج عن إطار العقل، بالأمس أثقلنا على الحياة بكثرة السؤال والبحث في سياق الوعظ ننتظرالترهيب والتهويل قبل الترغيب حتى وصلنا إلى تيارات مختلفة تبدأ من الحاضرين وتنتهي بالغائبين.

مشاركة :