بدأ البعض بالاستهزاء بنظرية المؤامرة، وأصبحوا يلمزون لها بسخرية على أنها وهمٌ لا علاقة لها بواقعنا، وما حدث ويحدث لنا منذ ما يزيد على قرن مضى حتى يومنا هذا، والغريب أن المتآمرين علينا يقرون بذلك، ويؤكدونه عبر وثائقهم وتصريحاتهم، إلا أن بعضنا يحاول نفي تآمر الغرب علينا، ويحملنا وزر تلك المؤامرات التي حيكت ضدنا منذ مؤتمر كامبل عام ١٩٠٥ حتى هذا اليوم. لقد اتفقوا في «كامبل» على أن يقسموا الوطن العربي إلى دويلات متناحرة، وقرروا زراعة وطن غريب في قلب هذا الوطن العربي، وتنصيب قيادات موالية لهم، وخلق الفتن والنزاعات بيننا، ونشر ثقافة التخلف والفقر بين أبناء شعوبنا، ونجحوا في ذلك، بل سيطروا حتى على قراراتنا وسيادتنا وكل أشيائنا. من «كامبل» إلى «سايكس بيكو» إلى بلفر وحرب ٤٨ إلى ثورة العسكر إلى نكسة حزيران إلى كامب ديفيد إلى احتلال العراق، وصولا إلى الربيع العربي، والحرب على الإرهاب والحرب البديلة، وكلها مؤامرات حيكت ودبرت بليل لتدمير العرب ونهب ثرواتهم، وجعلهم شعوباً متخلفة وفقيرة ومضطهدة، ثم يخرج لنا بعضٌ من بني جلدتنا ويسخر من نظرية المؤامرة، ويحاول تحميلنا مسؤولية ما يحدث لنا، متناسياً كيف كانت مصر قبل تآمرهم عليها، ومتجاهلاً حضارة العراق وثقافته وتمدنه، ناهيك عن بقية الدول العربية. من يعتقد أنهم فعلاً إنسانيون وديمقراطيون وليسوا متآمرون فهو إما أنه جاهل بالتاريخ وساذج منبهر بديمقراطيتهم، وإما أنه عميل مندس وأحد أدواتهم التي ساهمت في تدمير الأمة، وإلا لماذا لا يسمحون لنا بممارسة ديمقراطيتهم؟ ولماذا لا يقبلون التغيير لنا؟ ولماذا يساعدون الخونة والدكتاتورية في تدمير أوطاننا؟ يعني بالعربي المشرمح: نظرية المؤامرة نظرية واقعية وواضحة المعالم حين نبحث عن المستفيد منها، ليثبت لنا من هو المتآمر والمخطط، وليس من الأداة لتلك المؤامرة التي لم تكن وليدة اليوم أو الأمس، بل تحاك للأمة منذ عقود طويلة حتى لا تنهض هذه الأمة، وتستغل ثرواتها وإمكاناتها لتواكب التطور والتقدم الحضاري والإنساني، خصوصاً أنها تملك كل المقومات لتكون خير أمة أخرجت للناس، فلا تحاولوا طمس الحقائق بجعل المؤامرة المحيكة ضدنا مجرد وهم نعيشه، بل هي حقيقة وواقع حين ننظر إلى الأحداث والمستفيد منها.
مشاركة :