حقيقة الفساد | د. مازن عبد الرزاق بليلة

  • 12/25/2014
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

تقول العرب: رُب كلمة تقول لصاحبها دعني، وقولهم "ليته سكت" لا يعني عدم أحقيته في الكلام والتصريح، بل تعني يا ليت الإنسان يُراجع كلامه قبل أن يتحدّث، لعله يستطيع أن يُطوّره للأحسن، وقد بدأت نزاهة عهدها المبارك قبل ثلاث سنوات، بحملة دعائية ضخمة تذم الفساد، وتوضِّح مظاهره، واليوم بدأت تصريحات نائبها تتوالى. يقول الدكتور عبدالله العبدالقادر نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، نزاهة، كما نقلت عن صحيفة الرياض، إن الفساد مثل كائن أسطوري مُتعدد الرؤوس كلما قُطع منه رأس ظهر بدلاً منها ألف، والفساد موجود من قديم الأزل في كل الدول وهو ظاهرة عالمية، وأنه مذكور في القرآن، والفساد من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات حيث يؤثر على التنمية ويقف عائقا أمام النهضة والتقدم، وأنه يرتبط بمنظمات إجرامية عابرة للحدود. الدكتور عبدالقادر، شخصية فاضلة، وهو صديق عزيز، ولكن نريد منه تفسيرا لقوله الفساد كائن أسطوري، كيف يتفق مع آخر حديثه، إن الفساد ظاهرة عالمية، وهو موجود منذ الأزل، وأنه مذكور في القرآن، فالكائن الأسطوري وَهْم، غير موجود أساسا، وغير مذكور في القرآن، بل ورد في الروايات الشعبية، فكيف يختلف أول حديث الدكتور عبدالقادر مع آخره. ليس هذا هو المهم، ربما يغفل الإنسان عن التعارض، ولكن القول بأن الفساد كائن أسطوري، متعدد الرؤوس، عليه عدة محاذير، لا أعتقد أن نزاهة تقصد إحداها: أولا، الكائن الأسطوري تخويف وتيئيس للناس أن الفساد أكبر وأقوى منهم، وأن الوضع الطبيعي أن يعيش بينهم، فلذلك لا داعي لمحاربته، ولو حاربناه فلن ننتصر عليه، وثانيا، الكائن الأسطوري يستمد قوته من قوة خفية، وسحرية، أكبر من قدراتنا البشرية، وثالثا، يعني نحن بحاجة إلى كائن أسطوري آخر للقضاء عليه، مثل سوبرمان، أو جرانديزر، وكلاهما وَهْم. #القيادة_نتائج_لا_أقوال صور القرآن الفساد بالضعف والخور، فهو شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض، ما لها من قرار، وهو زبد وجفاء مثل زبد البحر، يتطاير ويضيع هباءً، على عكس العمل الصالح، وما ينفع الناس، أصيل ويستمر مثل الذهب، ومثلته السنة بالرجل القبيح، المبغض من الناس، وكل ذلك من أجل إعطائنا القدرة، والثبات، والثقة، والتقدم لمكافحته.

مشاركة :