يقول المثل "اتق غضبة الحليم إذا غضب". ورغم أن هناك من يشكك في أن يصل الحليم إلى درجة انفجار المشاعر وخروجها عن المألوف .. فهو لم يكن إذاً حليماً ولا يحزنون، لكن هناك نقطة انفجار قد تُخرج أكثر الناس خُلقاً عن شعورهم إذا ما تعاظم عليهم السفهاء. فهناك من يخلطون بين الحلم والضعف فيرون في الرجل الحليم رجلاً ضعيفاً لا يستطيع المواجهة، وكأنهم يضعون قوة الشخص في نبرات صوته .. فكلما ارتفعت حدة الصوت كلما ارتفع عندهم مقياس القوة. *** وأجدني أعود دائماً إلى مقولة مشهورة تُنسب إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عندما قال: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني"؟ فربما كان هذا ما كان يدور في ذهن سيدنا وخليفتنا عندما قال مقولته. والمعنى: لستُ بالماكر المُخادع -وحاشاه عن ذلك- ولكنَّه لا يُمكن أن يخدعه الماكِر المراوغ؛ فليس المُؤمن مُخادعًا غادرًا، كما لا يَسمح لغيره أن يغدر به.وقال ابن القيم، في كتاب "الروح": "وكان عمرُ أعقلَ من أن يُخدَع، وأورعَ من أن يَخْدَع". وقال المغيرة بن شعبة: "ما رأيتُ أحدًا أحزَمَ من عمر؛ كان -والله- له فضلٌ يَمنعه أن يَجزع، وعقلٌ يَمنعه أن يخدع". *** حلم الرجل إذاً لا يعني ضعفه أو إمكانية خداعه حتى لو جمع عليه البعض واستضعفوه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليس الشديد بالصرعة - القوة - ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب "، وهذا معنى الحلم عند الرجال، فهو خلق الأتقياء والخلق الذي اتصف به الأنبياء، فمن أعظم من نبينا -صلى الله عليه وسلم - حينما كان يقابل بالإساءة من قومه فيرد بالهدوء والنصيحة، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الحليم : ((من كظَم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيِّره من أي الحور العين شاء)). النصيحة التي يقدمها علماء النفس هي أن يتحكم الفرد في نفسه جيداً قبل أن يرد على أحد الاستفزازات بشكل متهور سواء بالقول أو الفعل، وما قد يحمله هذا الرد من إضعاف موقفه حتى لو كان الحق معه. فالرد المتهور قد يستفيد منه الطرف الآخر، وربما يفقدك هذا قضيتك مهما كانت عادلة. ويرجع الرئيس المصري أنور السادات صعوبة إنهاء النزاع بين العرب وإسرائيل إلى "عقود من الغضب والاحتقان" #نافذة:من الجيد أن تستخدم كل قدراتك للدفاع بحزم عن موقفك، ولكن ليس من الجيد أن يتحول موقفك لكراهية ومثابرتك لغضب. فإن لم تتحكم في مشاعرك ضعفت قدراتك وضاعت حقوقك. nafezah@yahoo.com
مشاركة :