تباين المعرفة والرخاء الاقتصادي «1 من 2»

  • 2/13/2023
  • 23:35
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

المعرفة تحمل المفتاح إلى الرخاء الاقتصادي. وتأتي التكنولوجيا والإبداع والدراية الفنية من تعلم طرق جديدة لإنتاج السلع والخدمات التي تثرينا. المعرفة هي أيضا "المصلحة العامة" الأصلية، والأفكار الجديدة التي من الممكن أن تعود بالفائدة على الجميع، وما لم تقيد الحكومات والاحتكارات نشر هذه الأفكار، فإن استخدامها لا ينتقص من توافرها. هذا مهم بشكل خاص للدول الفقيرة، لأنه يعني أنها لن تضطر إلى إعادة اختراع العجلة. بل يمكنها ببساطة أن تتبنى التكنولوجيات والأساليب التي أنشأتها الدول الأكثر ثراء لدفع عجلة التنمية الاقتصادية. على الرغم من تقدير أهمية المعرفة من جانب أهل الاقتصاد وصناع السياسات منذ فترة طويلة، فإنهم لم يهتموا بالقدر الكافي بالظروف التي تجعلها مفيدة. السياق على جانب كبير من الأهمية، ذلك أن أي تباين أو عدم توافق بين الظروف التي تتولد الأفكار في ظلها وخصائص البيئة التي تطبق فيها، قد يقلل بشكل كبير من قيمة اكتساب المعرفة. على سبيل المثال، تـزرع الـذرة في مختلف أنحاء العالـم، لكنها تخضع إلى تهديدات بيئية مختلفة، اعتمادا على البيئة المحلية. كانت جهود البحث والتطوير تركز بطبيعة الحال على تطوير مقاومة الآفات الأكثر شيوعا في أمريكا الشمالية وأوروبا. ونتيجة لهذا، نجد أن آلاف براءات الاختراع المرتبطة بالتكنولوجيا الحيوية موجهة نحو دودة الذرة الأوروبية، لكن خـمس براءات اختراع فريدة فقط أعطيت إلى ابتكارات تحمي من حشرة حفار ساق الذرة، التي تؤثر في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا غالبا. بعد دراسة هذه الأمثلة وأخرى كثيرة، يزعم الاقتصاديان جاكوب موسكونا، وكارثيك ساستري، من جامعة هارفارد أن عدم ملاءمة التكنولوجيات المطورة في الاقتصادات المتقدمة من الممكن أن يشكل عقبة كبرى أمام نمو الإنتاجية الزراعية في المناطق منخفضة الدخل. وفقا لتحليلهما، قد يمثل التباين التكنولوجي في مجال الآفات ومسببات الأمراض الخاصة بالمحاصيل وحدها 15 في المائة من التفاوت العالمي في الإنتاجية الزراعية. في حلقة نقاش حديثة نظمتها الرابطة الاقتصادية الدولية، قـدم الاقتصادي موسكونا، وخبراء آخرون، مجموعة واسعة من الرسوم التوضيحية لتوظيف تكنولوجيات غير ملائمة. وصفت ميراي كاماريزا، وهي مهندسة حيوية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، كيف تأخر كثيرا تطوير تكنولوجيات تشخيص مرض السل وغيره من الأمراض المعدية التي تؤثر في المقام الأول في الدول منخفضة الدخل عن تكنولوجيات تشخيص الأمراض الشائعة في الدول الغنية. عندما ضربت جائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19 الدول الغنية، أصبحت مئات الاختبارات التشخيصية متاحة في غضون أشهر. على النقيض من هذا، استغرق الأمر أكثر من قرن من الزمن لتحقيق تقدم مماثل في حالة مرض السل. علاوة على ذلك، لا تزال تقنيات تشخيص مرض السل المتقدمة تعتمد على فنيين مدربين ومدد ثابت من الكهرباء، الذي قد لا يكون متاحا في البيئات منخفضة الدخل. قد يحدث التباين أيضا داخل الدول عندما تـنـشـر تكنولوجيات مصممة خصيصا لتحقيق مصالح مجموعات بعينها على نطاق أوسع. على سبيل المثال، قد تكون الأتمتة "التشغيل الآلي" والتكنولوجيات الرقمية، غير ملائمة إذا أنتجت تأثيرات غير مرغوب فيها بين عدد كبير من العمال. كما يلاحظ أنطون كورينك من جامعة فيرجينيا، فإن كل الإبداعات والابتكارات ذات حدين، فهي من الممكن أن تعمل على تعزيز الإنتاجية في مجمل الأمر، لكنها قد تتسبب أيضا في توليد تأثيرات إعادة توزيع حادة لمصلحة أصحاب رأس المال على حساب العمال... يتبع. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :