كأنها تأبي السماء إلا أن نفرح معا.. بداية السنة الهجرية والسنة القبطية.مع بداية عام هجري جديد، لا بد أن نتذكر قدوتنا ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وما تحمله من آلام ومشاق في نشر الدعوة الإسلامية، ولابد أن نحاول أن نهتدي به وبالصحابة الكرام في السلوكيات، ولكن للأسف الواقع الآن يختلف كثيرا فهل العيب فينا نحن، أم ما يعانيه الجيل والأجيال من الأشياء المحيطة والمؤثرة.قالت لي في حديثنا "وأنا أتحدث مع أبني.. تعصب فقذف الموبايل والذي سعره 15 ألفا على الأرض"، وأكملت "مشكلتي أنني أردت أن أعطيهم كل شي ولا أحرمهم.. فنشأ أولادي لا يتحملون أيه مسئولية، ويريدون كل شئ". وأكملت "وددت أن أجعلهم لا يعانون كما عانيت أنا.. فقد كنا مجموعة من الأخوة والأخوات وكان دخل الوالد قليل, فأحببت أن أوفر لأولادي كل ما حرمت أنا منه". وأخرى رأيتها تحمل أكياس المشتروات من الخضار والفاكهة، وتريد أن تذهب للمخبز لتشتري الخبز، فسألتها ولماذا لا ترسلين أحدا من أولادك؟ فقالت ناموا متأخرين ولن يستجيبوا لو حاولت إيقاظهم.. فالأسهل أن أشتري أنا بدلا من المشاجرة التي تنتهي أيضا بأن أنزل مرة أخرى وأشتري أنا.وثالثة شاهدت الدموع في عينيها وهي تحكي لي عن قسوة بناتها، لدرجة أنها يوما كانت مريضة وذهبت للطبيب، ورقدت أسبوع في الفراش ولم تأت أبنتها الكبرى للسؤال عنها رغم أنها تقيم في نفس البلدة مع خالتها أي لم يمنعها زوج أو أحد. ورابع سألته عن أخوته فقال إنه تمر الشهور ولا يرى بعضهم البعض لأن زوجه أخيه لا تحب أن زوجها يزروهم.وخامسة قالت إنها تشتاق لرؤية أبنها والذي يقيم في محافظة أخرى بعيدة، فقلت لها أخبريه أن يأتي لزيارتك أنت ووالده، فردت: الحنية لا تشتري إذا كان هو مش حاسس يبقي أنا أطلب منه. وسادس وسابع ولا نهاية من مشاعر تقطعت وأواصر قربي تمزقت، وتجاهل وأنانية زادت والسبب نحن، ويجب أن نعترف بذلك فلقد أهمل الأباء النصح والإرشاد، وأصدرت الأمهات القرارات بعدم تدخل أحد في تربية أبنائها، فأصبحت لا تحتمل كلمة للابن أو البنت من خال أو عم أو جد أو جدة أو أي قريب.أصبح الأباء ينظرون لأولادهم على أنهم دائما وأبدا صغيرين ولا يتحملون أيه مسئولية، ولا يريدون لهم أن يتعبوا أو أن يشعروا بشيء ينقصهم. أصبح الأبناء في حالة من الهشاشة والضعف، لا يريدون أن يفعلوا شيئا أنانيون، وكل ذلك مسئولية الأباء، لابد أن تتدخل الأم في حياة أولادها سواء أكانوا معها أم المتزوجين عندما يهملون زيارتها أو السؤال عن أهاليهم وعن أقاربهم، فذلك التدخل شرعي وضروري، ويختلف عن التدخل الضار وغير المحبب في حياة الابن ماذا يأكل ولماذا تخرج زوجته كثيرا ولا ماذا يشتري لها وحياتهما الشخصية. لابد أن يجعل الأب لابنه نصيبا في المشاوير التي يخرج إليها للسؤال عن مريض أو للعزاء أو للسؤال عن أحد الأقارب، بل وأن يكون مندوبا عنه في ذلك أحيانا. لابد أن نعلم أولادنا ما هي الأخلاق التي تربي عليها الجيل الماضي بالفعل وليس بالكلام، لابد أن يذهب الأولاد منذ الصغر للسؤال عن جدهم أو جدتهم، وإذا حدث خطأ من الطفل وتدخل عم أو خال فنهر الابن أو البنت، لا تقوم الأم بإلقاء محاضرة عن (ما يروح يربي أولاده الأول ما ابنته تفعل كذا وابنه يفعل كذا). يجب أن نعود نحن بأبنائنا للأخلاق الحميدة بالسلوك الفعلي وليس بإعطاء المواعظ غير المجدية لأن العبرة والقدوة بالسلوك.أسوأ ما في الوجود أن يساهم الأب والأم في هدم أخلاق أولادهم بتصرفاتهم هم الشخصية، أو بترك الأولاد دون تربية صحيحة. إن النعم بالشكر تدوم ومن النعم وجود الأهل والتآلف والحب بين الأقارب، نحن بأنفسنا صنعنا التباعد بعدم التسامح وتقدير الظروف، فليسأل من يستطيع دون إنتظار لرد الزيارة، ولا يسمح رجل لزوجته أن تبعده عن والديه، أو أن تحرمه من أخوته، ولا يكون الرجل سيئا ويرتكب الذنوب فيمنع زوجته من أهلها أو من أن تزورهم ويزورونها.أريد أن نهاجر إلى الداخل، أن نعود إلى أسرتنا.. إلى العائلة.. إلى الترابط والتآلف، فنهاجر إلى أنفسنا وإلى فطرتنا فكل نفس خلقت على الفطرة، أريد أن نهاجر إلى ما أمرنا الله به، لا أن نحتفل بهجرة رسولنا الكريم ونحن أبعد ما يكون عن سلوكه وعن فعل ما أمر به. فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه). مع الأخذ في الاعتبار أنه وإن كثر الشباب المدلل من الفتيان والفتيات فهناك الكثيرين جدا من الشباب وربما الأطفال تحملوا هموم أسرة كاملة لوفاة والدهم أو لترك والدهم لهم وعدم شعوره بالمسئولية، فاضطر الابن أن يكون رجلا صغيرا أو الابناء واضطروا أن يعملوا للإنفاق على أمهم وأخوتهم - فتحية من القلب لمن حرموا الطفولة من أجل حياة كريمة، وكذلك تحية لكثير من النساء تحملن نسئولية أسر وأبناء وكانت المعيل لهم. وكل عام وأنتم جميعا بخير وكل مصر بخير والعالم أجمع بخير وعام هجري جديد سعيد على الجميع.
مشاركة :