توقع محللون أن ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة مرتفعة تصل إلى 5 في المئة هذه السنة، معوّضاً التباطؤ المسجل العام الماضي، والذي لم يتجاوز 3 في المئة. وتُعزى أسباب ذلك إلى عوامل مناخية وارتفاع أسعار المواد الأولية في النصف الأول من السنة. ويراهن المصرف المركزي المغربي على «نمو لا يقل عن 4.4 في المئة من الناتج، وهو التوقع الوارد في موازنة العام الجديد وفي تقرير صندوق النقد الدولي، الذي اعتبر أن الرباط «ستستفيد من تراجع أسعار النفط في السوق الدولية ومن موسم زراعي جديد، وعودة الانتعاش إلى بعض الأسواق في منطقة اليورو التي يصدر إليها 60 في المئة من تجارته». ووفق الفرضيات المتوافرة، «ربما يزيد الاقتصاد المغربي 1.5 في المئة من النمو الإجمالي، مستفيداً من تراخي الأسعار وعودة الانتعاش الخارجي». وتراجعت واردات الطاقة في المغرب بنسبة 9 في المئة إلى نحو 85 بليون درهم (10 بلايين دولار) في الشهور العشرة الأولى من العام الماضي. وزادت الصادرات 6.7 في المئة مسجلة 181 بليون درهم، خصوصاً الصناعية منها التي ارتفعت بنسبة 27 في المئة في قطاع السيارات والإلكترونيات والفوسفات والملابس الجاهزة. وكانت واردات الطاقة تكلّف 27 في المئة من الإجمالي أو ما يعادل أجور القطاع العام في سنة. وسيقلّص المغرب اعتماده الخارجي في إنتاج الكهرباء بدخول محطة وارزازات الخدمة لإنتاج نحو 500 ميغاوات من الطاقة الشمسية، تُضاف إليها ألفا ميغاوات من الكهرباء المنتجة بطاقة الرياح. وبات المغرب ينتج 70 مليون متر مكعب من الغاز في منطقتي سبو شمال الرباط والصويرة جنوب الدار البيضاء. وقال وزير الطاقة والمعادن المغربي عبد القادر عمارة إن «هذا الإنتاج ضعيف لكن مشجع للشركات العالمية لمواصلة التنقيب عن النفط والغاز خصوصاً على السواحل البحرية على مساحة 400 ألف كيلومتر مربع». ورجّح الإعلان عن اكتشاف مخزون مهم في السنوات المقبلة. وبقدر ما يرتاح المغرب إلى تراجع أسعار النفط في السوق الدولية والاستفادة من إيجابياتها المالية والاقتصادية، فهو يراهن على استمرار التنقيب داخلياً وتشجيع الشركات الدولية عبر حوافز تتمثل في الجباية تصل إلى 75 في المئة. فاتورة الطاقة ويتطلع المغرب إلى تقليص فاتورة الطاقة في السنوات المقبلة، لتعديل خسائر ميزان المدفوعات الخارجية الذي يمتص الاحتياط النقدي. وأفاد تقرير لوزارة المال والاقتصاد بأن «عجز الميزان التجاري تراجع 7 في المئة إلى 170 بليون درهم، وكان بلغ 200 بليون عام 2012». وحافظت عائدات السياحة على إيرادات «بلغت 54 بليون درهم وهي تحويلات المغتربين ذاتها، وقدرت الاستثمارات الخارجية بـ 26 بليون درهم بزيادة 10 في المئة». كما استفادت الرباط من دعم دول مجلس التعاون الخليجي بمبلغ 9.7 بليون درهم (نحو 1.1 بليون دولار) في إطار تفعيل اتفاق التعاون الاستراتيجي. وانخفض عجز الخزينة نحو 4 في المئة نهاية تشرين الأول (أكتوبر) إلى 42 بليون درهم، بزيادة الإيرادات من الضرائب التي بلغت 175 بليون درهم. وقدرت النفقات العادية بـ 178 بليون درهم من دون تسديد الديون. وحققت بورصة الدار البيضاء تحسناً في مؤشري «مازي» و «ماديكس» بنمو نسبته 9.5 في المئة حتى مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ولم يستبعد مكتب الصرف المشرف على النقد الأجنبي، أن «تعود إلى المغرب نحو 20 بليون درهم من الأموال المهربة، وفق ما نص عليه «قانون المساهمة الابرائية». وتحسنت السيولة النقدية لدى المصارف التجارية بعد قرار المصرف المركزي القاضي بخفض الفائدة المرجعية إلى 2.5 في المئة لتنشيط الاقتصاد. وتراجعت الحاجة إلى التمويل إلى 27 بليون درهم شهرياً بعدما كانت تقدر بـ 30 بليون الشهر الماضي. وكشف تقرير للمندوبية السامية في التخطيط أن الاقتصاد المغربي «سجل نمواً طفيفاً في الربع الثالث من العام الماضي بلغ 2.9 في المئة، بسبب ضعف الإنتاج الزراعي في النصف الأول». لكن المحللين توقعوا «تحسن الإنتاج في حصاد الصيف المقبل، إذ زادت نسبة الأمطار المتساقطة 76 في المئة عليها في السنوات العادية، وبلغ معدل التساقط 186 ملليمتراً، ما ساعد في زرع 3.7 مليون هكتار، بزيادة 30 في المئة. ورأى محللون أن المغرب لم تتوافر لديه منذ فترة طويلة عوامل مناخية وتجارية وطاقوية مساعدة للاقتصاد كما العام الحالي، إذ يمكنه إنتاج 9 ملايين طن من الحبوب الرئيسة، وتوفير 40 في المئة من وارداته من الطاقة، وزيادة صادراته الخارجية 8 في المئة، والإبقاء على مستويات متقدمة من التحويلات والاستثمارات والدعم الخارجي. ويتطلع الاقتصاد المغربي إلى الخروج من عنق الزجاجة والانتعاش، بعد خمس سنوات صعبة ترافقت مع الأزمة العالمية والربيع العربي وأسعار الطاقة المرتفعة. لكن كثراً يشككون في أن تطاولهم ثمار النمو لأسباب تتعلق بطريقة توزيع الثروات ومنظومة التنمية المحلية، والتي تجعل فوائد الاقتصاد محصورة في الأكثر قدرة على الاستثمار والإنفاق وتتبع
مشاركة :