كلنا -كما أظن- يعرف قصة الدبّة التي قتلت صاحبها حُبًّا، حيث أدّى عطف رجل على أحد الدببة بعد أن أنقذها من حفرة وقعت فيها إلى أنها أصبحت أسيرة عطفه، تدافع عنه من أي خطر يُهدّده. وفي أحد الأيام نام الرجل تحت شجرة، فرأت الدبّة ذبابة تحوم على وجهه، فجاش غيظ الدبّة وأسرعت إلى أقرب صخرة وهوت بها على رأس الرجل.. فقتلته حُبًّا!! *** تذكرت هذه القصة التراثية وأنا أُتابع العمل الإجرامي الذي قام به مَن يدّعون دفاعهم عن المصطفى -صلي الله عليه وسلم- تجاه المجلّة الفرنسية الساخرة "شارلي إبدو"، الذي أسفر عن قتل 12 شخصًا، وهو عمل أدانته كافة دول العالم، لكنه حظي بإشادة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقال متحدث باسمها "لقد ثأر أسود الإسلام لنبيّنا". وأضاف -عبر الإنترنت من سوريا-: "هؤلاء هم أسودنا.. هذا هو أول الغيث.. والقادم أسوأ!". *** وما أراه أن من قام بهذه الجريمة ليسوا أسودًا -كما وصفهم المتحدِّث باسم داعش- بل مجموعة من الدببة التي أساءت بفعلتها هذه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى الإسلام بعِلم أو بجَهل ودراية. فإضافةً إلى ما سيُسبّبه للجاليات المُسلمة التي تعيش في الغرب من تضييق مُحتمل على المسلمين في أعمالهم وشعائرهم، فإن هذه الرسوم، التي انحصر نشرها في المجلة الفرنسية المارقة، ستقوم بإعادة نشرها، مع خبر العمل الإرهابي على المجلة، معظم أجهزة الصحافة والإعلام العالمية. *** المجلة الفرنسية، كما نشرت الأخبار، كانت تعاني ركودًا وضعفًا في الإقبال عليها أوصلها لأزمة مالية حادة. ولو تُركت في أزمتها لانهارت، خاصة وأنها نشرت كثيرًا من المقالات والكاريكاتيرات المثيرة للجدل، انتقدت فيها الإسلام والمسيحية، ممّا أكسبها عداء المسلمين في الشرق والغرب، ووجدها اليهود أيضًا معادية للسامية لوصفها الصهيونية بحركة عنصرية. كما أن هناك كثيرًا من القضايا مرفوعة عليها، ليس من المسلمين وحدهم، بل من جهات أخرى متعددة، ممّا أدخل المجلة في أزمة مادية حادة! * نافذة صغيرة: (باريس، هدف آخر لنفس الفكر والسلاح والإعلام الذي يعيث في منطقتنا.. وخطر التطرف الإسلامي نما حتى صار أكبر من أن نحاول أن نُبرِّره، أو نسكت عنه، وصار أعظم تهديد لاستقرار العالم).. عبدالرحمن الراشد nafezah@yahoo.com
مشاركة :