خطيب جامع أبوحامد الغزالي: للعمل وخدمة الناس في الإسلام منزلة من أعلى المنازل

  • 11/10/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في خطبته ليوم الجمعة بجامع أبوحامد الغزالي بقلالي أمس.. تحدث خطيب الجامع فضيلة الشيخ أحمد مهنا السيسي عن دور ومكانة الموظف في الإسلام تحت عنوان «من يتقن عمله ويسعى للتيسير جدير بالدرجات العُلى» فقال: لا شك أنَّ للعمل وخدمة الناس في الإسلام منزلة تعد من أعلى المنازل فبها تنهض الأمم وترتقي المجتمعات. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ». ولا شك أن الموظف أو العامل الذي يتقن العمل ويسعى للتيسير على الناس وفق ما يرضي الله تعالى هو جدير بالتكريم والترقية وأن يتبوأ الدرجات العُلى.. والوظيفة التي تسند للإنسان أمانة عظيمة فلا ينبغي أن يشغلها إلا من هو أهل لها، فربنا سبحانه اصطفى طالوت على قومه بالعلم والقوة «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ»، فالرجل المناسب يوضع في المكان المناسب وذلك لتحقيق الصالح العام والخاص «إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ»، مع مراعاة الأخلاق الفاضلة كالصدق في القول والإخلاص في العمل، قَالَ تَعَالَى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ».. كذا الأمانة مع التَّزين بالتواضع وخفض الجناح مع المراجعين فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ»، ويجب عليه تسهيل وتيسير معاملات الناس، من دون الاحتجاب عنهم، فقد روي عنه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَلاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ»، وحبذا لو قابل مقدمي طلب المعاملات بوجه طلق باش، باثاً الأمل في نفوسهم محتسبا الأجر والثواب من الله تعالى، فَعَنْ أَبِي ذَرِّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ». ومن شيم الموظف الناجح تحمل الأذى والأخذ بالعفو وكظم الغيظ، قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). وفي حالة تعسر إنجاز معاملات الناس لسبب ما، يقدم لهم المشورة والنصح مستعينا بمن هو أعلى منه ذلك لتيسير معاملاتهم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فإن تعمد تأخير إنجاز معاملات الناس ظلم، والظلم ظلماتٌ، وعواقِبه وخيمَةٌ يوم القيامة، وآثاره على البشر سيئة، فحريٌّ بكل مسؤول أن يتحقق من أيَّ ظلمٍ يقع في إدارته ليعيد للمظلوم حقه كاملا غير منقوص، فالتضييق على الخلق يجلب النقمة التي يسعى إليها الأشرار لهدم الأوطان، لذلك فلننتبه، والأنظمة والقوانين التي تقف حائلا دون حاجات الناس الماسة ينبغي تغييرها لتتحقق مقاصد التشريع، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا». إن العامل أو الموظف المنتج يجب أن يكون محبا لعمله متقنا له، كما حَثَّ سيدنا ونبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ»، متجنبا الغش والتزوير كما نهى صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليسَ منَّا»، وليتجنب الموظف استغلال مكانه في العمل لتحقيق المصالح الخاصة المحضة، وليحذر كل الحذر من الرشوة والسرقة، كذا ينبغي الحذر من الوشاية بين زملاء العمل أو بين مرؤوسيهم، فالفتنة آفةٌ إذا ضربت في مجال العمل فأنى نجني الثمرات وأنى ننتظر الإنجازات! أما الانضباط بساعات العمل وأداؤه على التمام فذلك واجبٌ لتحليل الراتب، فالراتب الذي يتقاضاه الموظف هو من المال العام، قَالَ تَعَالَى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)، فلا تُطعم أهلك وأبناءك مالاً لا تستحقه أو يشوبه الحرام، روي عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ)، والسحت هو الحرام لأنه يسحت البركة أي يذهبها. فلنتق الله تعالى ولنحافظ على الأمانة والإخلاص في عملنا، يبارك الله في عمرنا ومالنا ورزقنا وذرياتنا وتنهض أمتنا.

مشاركة :