التجربة الكندية! | عبد العزيز حسين الصويغ

  • 1/17/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أثار أخي الدكتور فهد العرابي الحارثي في تغريدتين في موقعه على "تويتر" حول العمل الإرهابي في #شارلي_ايبدو يسأل فيهما: (1-2) من قاموا بالعمل الإرهابي في #شارلي_ايبدو هم من المسلمين الذين يحملون الجنسية الفرنسية، ووُلدوا في فرنسا وتعلّموا فيها.. فماذا يعني هذا؟! (2-2) هذا يعني أن التنشئة الاجتماعية في فرنسا وفي المؤسسات الفرنسية والغربية عمومًا قد فشلت في إدماج هؤلاء في مجتمعهم الجديد الذي يعيشون فيه. *** هذا التساؤل أعادني إلى التجربة الكندية في التعامل مع المهاجرين من غير الدول الغربية، مسلمين وغيرهم، التي شهدتُ طرفًا منها عندما كنتُ سفيرًا للمملكة في كندا لبعض الوقت، وهو أمر حفّز عندي حاسة الكاتب، فكتبتُ أكثر من مقال في جرائد كندية حول ما لمسته من حسن تعامل ومشاركة في الحياة السياسية الكندية من قِبَل مواطنين تركوا بلدانهم وفضّلوا البقاء في كندا؛ ليستمتعوا بمزايا افتقدوها في بلدانهم، كما ناقشت بعض قادة الجاليات الإسلامية في كندا من الطائفتين المسلمتين الرئيستين "السنة والشيعة"، دور الجاليات المُسلمة، كما زرتُ بعض المساجد والحسينيّات، وصلّيت وراء أئمة من كلا المذهبين بلا أي حرج ولا تفرقة!. *** كان اهتمامي الأساسي هو ضرورة مساهمة الجاليات الإسلامية في كندا في الحياة السياسية الكندية، وعدم الانعزال والتقوقع أو الظهور بمظهر يبعدهم عن المجتمع الكندي، طالما اختاروا هذه الدولة مستقرًا لهم، فقد فتحت كندا باب الهجرة لكل سكان الأرض منذ بداية الستينيات من القرن الماضي، بعد أن كانت هذه الهجرة مقصورة لزمنٍ طويل على الأوروبيين، حيث يعتبر ميثاق الحقوق والحريات الكندي (The Charter of Rights and Freedoms)، من المواثيق القليلة في العالم التي اعترفت بالتعددية الثقافية للبلد، فخلاف كثير من الدساتير الأخرى، أكد الدستور الكندي على المساواة بين أفراد الوطن بغض النظر عن اختلافاتهم، والإقرار بأن هناك اختلافات يجب ضمان معالجتها بالميثاق، لذا فإن الميثاق الكندي هو أكثر من مجرد ميثاق حقوق، إذ إنه أصبح رمزًا للقيم الوطنية لكل الكنديين وعنوانًا لهويتهم. *** غريب بعد كل هذا أن نجد منطق بعض المتشددين الإسلاميين في العمل على التضييق على مواطني دول يهاجرون إليها هروبًا من أوضاع صعبة في بلادهم، دون أن يراعوا أنهم أصلاً ضيوف كرّمتهم البلدان التي استقبلتهم ومنحتهم الأمن والأمان والحرية التي حُرموا منها في بلدانهم.. فردّوا كل هذا العطاء بالتعصب والعدوانية.. أما ثالثة الأثافي فهي قيام ثلة قليلة منهم بعمليات إرهابية تعود بالضرر على الغالبية الكبرى من الجاليات الإسلامية في الغرب!! * نافذة صغيرة: (على المسلمين الكنديين المهاجرين أن يكونوا عاملاً إيجابيًا في مجتمعهم الجديد وأن يساهموا بما لديهم من تراث وقيم وثقافة في إثراء المجتمع الكندي وتقوية أواصر التلاحم داخله وأن تشمل نشاطاتهم كل مجالات العمل المتاحة وفي مقدمتها المجال السياسي، فهناك غياب شبه تام للمسلمين من الساحة السياسية وكذلك من الساحة الإعلامية، وهذا يترك المجال متاحًا للجهات المغرضة لتحقيق أجندتها على حساب المسلمين).. عبدالعزيز الصويغ – الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2007م. nafezah@yahoo.com

مشاركة :