ما بين النعمة والنقمة

  • 1/18/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الزَهايمَر داء يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التعلم والتركيز، وقد يتطور ليحدث تغييرات في شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو يصاب بالهلوسة أو بحالات من الجنون المؤقت. ولا يوجد حتى الآن علاج لهذا المرض الخطير إلا أن الأبحاث في هذا المجال تتقدم من عام لآخر، وقد أثبتت أن العناية بالمريض والوقوف بجانبه تؤدي إلى أفضل النتائج مع الأدوية المتاحة. وأصبح الكثير منا على المستوى العالمي مصابا بهذا المرض وهي نقمة حقيقية، فالجميع يعاني من عصبية مفرطة وهلوسة لدرجة أن أصبح الإنسان يكلم نفسه وهو يسير ويشتكي همه لنفسه نتيجة تراكمات نفسية لترسبات يومية يعيشها سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو العملي أو المادي. وتكمن النعمة عندما نتناسى فنحن ننسى لأنه يجب علينا ذلك وليس لأننا نريد ذلك. فلو بقيت ذاكرة الإنسان نشطة سيشعر بالهم والغم والتعاسة سواء لوفاة عزيز عليه، أو لإساءة رئيس عمل معاملته ، أو لإحباط في عمله فلم يُقدر كما يجب، أو لعدم قدرته على تحصيل قوت يومه، وغيرها الكثير والكثير من الحالات والمواقف والقضايا الصعبة التي نعيشها أو نشاهدها بشكل يومي. ولكن هل التناسي هو الحل لمواجهة مشاكل الحياة خاصة وأن تذكر المواقف المؤلمة أقرب الطرق إلى الشيطان الذي حرص على أن يبقى المؤمن حزيناً مغموماً مهموماً. إن قوة الإيمان بالله واقناع النفس البشرية بأن غداً أفضل بإذن الله، إضافة إلى ما من الله علينا به من نعمة النسيان بشكل تلقائي خاصة مع مرور الزمن والانهماك في مشاغل الحياة كفيلة بنسيان الماضي، والتركيز على الحاضر، والعمل على تحسين المستقبل وجعله أكثر بريقاً ورونقاً ولو بالأحلام. وهنا لي مداخلة بسيطة لمقالة قرأتها في جريدة الرياض بعنوان: الدولة ليست أمّاً ولا أباً؛ لأقول نعم الدولة هي الأم والأب ونطالبها بكل الأدوار من تطعيم الطفل وتربيته وتعليمه ومن ثم ابتعاثه وتوظيفه، وتوفير سكن، ودعم في الأزمات، وبناء المرافق والخدمات العامة إضافة إلى المدارس والجامعات والمعاهد والمستشفيات مادامت تمسك بزمام الأمور من الألف للياء، وتمنع الكثير من العمل لتأمين قوتهم وتحقيق اكتفاء ذاتي بقيود وأنظمة تعجيزية تفرض علينا تارة من وزارة العمل، وأخرى من البلدية، وثالثة من التأمينات الاجتماعية، ورابعة من وزارات التعليم، وأخرى من وزارة المالية، وسادسة من وزارة الإسكان، ووزارة العدل .... الخ -ولا أعني هنا الأمور التنظيمية-، وهي من يجب أن يحتضن الأبناء ويؤمن لهم ما يكفيهم للعيش بسعادة وهناء، لنقضي على هذيان الإنسان بالتفكير بمشاكله المادية والتي هي أساس مشاكله الاجتماعية والعملية وسبب رئيس للإرهاق الفكري والزهايمر المبكر. ختاماً فليركز كل منا في تفكيره على ما يفرحه، وليصرف فكره عما يتعسه ويؤلمه، وليصحح نفسه لعدم مقدرته على تصحيح غيره. فمفاتيح السعادة ثلاثة: إذا أُعطيَ شَكَرَ، وإذا ابتُلي صبَر، وإذا أذنبَ استغفر. أستاذ التنمية الاقتصادية بجامعة الدمام

مشاركة :