شاءت الحكمة الإلهية أن تُختم حياة أحد أعظم ملوك الإسلام والمسلمين في العصر الحديث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في ليلة الجمعة الموافقة لـ 3/4/1436هـ بمدينة الرياض بعد أن تولى قيادة المملكة لعشرة أعوام مثمرات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ليلحق بقافلة عظماء التاريخ الإسلامي أولئك الذين قدموا كل ما يستطاع من قيادة و حكمة وعزم وحزم وبذل لكل غال ٍ ونفيس في خدمة الدين والأمة و الأوطان وقضايا المسلمين عموماً ، ولا نملك إلا أن تلهج ألسنتنا و تفيض قلوبنا بالدعاء لله رب العالمين للراحل الكبير رحمه الله فجزاك الله خيراً أيها الملك الطيب عن المملكة العربية السعودية و عن الأمتين العربية والإسلامية والله نسأل أن يجعل الفردوس الأعلى مثواك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ونبايع الملك سلمان بن عبد العزيز ملكاً للمملكة العربية السعودية على السمع والطاعة في المنشط والمكره في طاعة الله فنعم الخلف سلمان لنعم السلف مؤيداً يا ملكنا سلمان بالتوفيق الرباني ثم بالتفاف الشعب السعودي الوفي حولك ومحبتهم لك فأنت السياسي المحنك الذي أنفق عمره في خدمة البلاد وذو الخبرة الإدارية الواسعة و المتنوعة وذو الحكمة والحزم في تسيير الأمور. وكذلك نبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد عضداً لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان فالأمير مقرن تقلد العديد من المناصب في الدولة في العديد من المهام والمناصب ، كما نبايع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ولياً لولي العهد. التوجهات الإصلاحية لخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل أكثر بكثير من أن تحصيها هذه العجالة لرجل في قامة الملك عبد الله ، من أهمها الإصلاحات السياسية كما في مجلس الشورى و في إنشاء هيئة البيعة لضمان سلاسة انتقال الحكم ويدفع عن المملكة غائلة أي خلافات لا سمح الله ،وها نحن نجني بواكير ثمراتها ، و منها التوسعة غير المسبوقة في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ، غير أنني وبحكم التخصص لا يسعني إلا أن أعرج على غيض من فيض من إنجازاته في مجال التطوير العلمي والتقني ، التي من بينها زيادة عدد الجامعات الحكومية بالمملكة من 8 جامعات إلى 25 جامعة ، معززة ببرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للابتعاث الذي استوعب مئات الألوف من أبنائنا الطلبة والطالبات للتحضير للدراسات الجامعية والعليا في مختلف التخصصات ليعودوا مسلحين بالعلم والمعرفة للمساهمة في إعمار البلاد بعقول نيرة تجمع بين الموروث الحضاري والتقنيات الحديثة للحضارات العالمية. ومنها حرصه رحمه الله على تحقيق رؤيته العلمية في إنشاء جامعة فريدة من نوعها تعنى بالعلوم والتقنية هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ( كاوست ) بشمال جدة والتي قال عنها رحمه الله ( كما أن من أهم استراتيجيات هذه الجامعة العمل على توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء المملكة والعالم ، وتبني ورعاية الطلبة المبدعين والموهوبين في مجالات الصناعات القائمة على المعرفة ) ، (ونأمل أن تكون الجامعة من المشاريع الرائدة لمستقبل بلادنا الغالية لتكون من أفضل المراكز العالمية المتميزة في البحوث العلمية والابتكار والإبداع واحتضان الموهوبين من أبناء المملكة ودول المنطقة والعالم ، كما أن أساس القبول في الجامعة يعتمد على الكفاءة والمقدرة والموهبة للمتقدمين ولا مكان للمحاباة في القبول ) فأبناء المملكة كانوا في قلب رؤيته يرحمه الله. أما شغفه بنقل وتوطين تقنيات النانو فلا حدود له ‘ عسى أن يكون كل ذلك في ميزان حسناته وشفيعاً له بين يدي ملك الملوك الديان الذي لا يموت. رحم الله ملكنا الراحل وبارك في ملكنا الحالي وأمد في عمره و جعل على يديه المزيد من الإصلاحات والتطور ، وحفظ الله المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة وقيادة رشيدة من كل سوء وأبقاها كياناً متماسكاً قوياً مستعصياً على كل المؤامرات دستورها القرآن والسنة ونهجها نهج السلف الصالح الوسطية الإسلامية و عيشها رغيد وأمنها وارف. والحمد لله على كل الأحوال.
مشاركة :