يقف الدكتور عزام الدخيّل على مفترق طرق، فإما أن يكون أعظم الوزراء إنجازاً وأكثرهم حظاً أو أعظمهم احتراقاً وأصعبهم حالاً، فهو يتولى وزارة تتوافر على نحو ربع الموازنة، ويجمع وزارتين كبيرتين في قبضة واحدة تضم كل الشباب منذ دخولهم الروضة وحتى صعودهم عتبة الدكتوراه. من المؤكد أن الأمر الملكي بالدمج لم يأتِ ارتجالاً، بل كان نتيجة دراسة ورؤية تفصيلية كانت محل نقاش طويل، فهذه الخطوة الجريئة لا بد من أن يكون أساسها رؤية وقّادة واضحة المعالم وطموحة في غاياتها، ولعل الدخيّل كان من أصحاب الفكرة أو أحد المناقشين لنتائج تطبيقها أو تعهد بتنفيذها، لأن هذا التحول النادر سيكون علامة فارقة في التعليم، وتغييراً جذرياً في طرق سبل التعليم إن لم تترصده العوائق البيروقراطية. لا بد من أن يعلن الدخيّل الحرب على النوم والإجازات الأسبوعية حتى يتمكن من إقامة الهيكل الكامل للوزارة الضخمة لتكون رشيقة ومرنة، وأن تجري عملية الدمج بسرعة وفاعلية، ما يستدعي تطبيق التقاعد المبكر أو الشيك الذهبي، لأن عدداً كبيراً من البيروقراطيين لن يتمكنوا من التناغم مع هذه التحولات، وبقاءهم سيكون مسامير تعطل الحركة كل حين. ولا بد أن يكون مع الوزير فريق عمل يوفّر البدائل الإدارية والتربوية القادرة على تحقيق كامل الهدف، أما إن بقيت الوظائف من دون حراك فإن الدمج سيكون مخاطرة عظمى تربك مسار التعليم عموماً، ويعلن انتصار البيروقراطية وقوة تغلغلها. إن توافرت لدى الوزير البدائل فإن عمليات الدمج والتشذيب واختصار السلسلة الإدارية وتفويض الصلاحيات هي محور نشاط القطاع الخاص، ومهارته الثابتة في تحويل القطارات البطيئة إلى حديثة وسريعة الحركة في وقت وجيز. أسس الأمير خالد الفيصل أسساً متينة لتطوير التعليم، ولدى الوزارتين مشاريع كبرى جارية من المهم تحويل مساريهما المختلفين إلى طريق واحد ينطق لغة واحدة ويؤسس لتربية متكاملة تعزز قيم المعرفة والعلمية والتفكير والمواطنة، وهي ميزة الوزارة الجديدة بعد أن كان حال الطلاب مثل المناقلة المفاجئة بين الماء الحار والبارد، ويتعرضون لعمليات تجنيد شتى ليس من أولوياتها التعليم بمعناه الفني والتربوي. الدكتور عزام نتاج القطاع الخاص، وهو قطاع شديد العداء للترهل الوظيفي، ولا يطيق صبراً على ركام الفروق، ويتحرك وفق خطط متعددة المستويات محصلتها تحقيق أهداف معينة في كل مرحلة لا يمكن الوصول إليها ما لم يتخلص الفريق من أحمال البيروقراطية والرؤية الساكنة. حساب الوزير ورشة عمل مدارها التعليم وتطويره وإعادة الهيبة إلى المعلم، وهو اهتمام أصيل متجذر على رغم انتسابه السابق إلى مؤسسات استثمارية بحتة، ما يعني أنه لصيق بالقطاع غيرةً واهتماماً، والاهتمام دخل الآن مصهر التطبيق وتعقيداته الظاهرة والباطنة، وزاده عبئاً اندماج الوزارتين، فهل يبرهن عزام الدخيّل أن التحديث هو الحل النهائي ويؤسس للتعليم رؤية متماسكة لا تتبدل بتغيّر الوزراء وتوجهاتهم الشخصية إلا في إطار الأولويات من دون الجوهر والتنويع ومن دون التغيير حتى لا تكون الوزارة منزلاً مستأجراً يصبغها كل وزير باللون الذي يحب؟
مشاركة :