لم يكن الأسبوع الماضي كغيره من الأسابيع التي تمر دون أَحداثٍ جديرة بالاهتمام والمتابعة؛ إذ لم يكد يتصرم حتى فُجعنا -نحن السعوديين- في قائدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى. وفي ليلة الفاجعة يأتي البلسم الأول ممثلاً في قرار تاريخي من القائد الملك سلمان بن عبدالعزيز يقضي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًّا للعهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وليًّا لولي العهد. وتمضي أيام الأسبوع، وفي الليلة ذاتها التي حدثت فيها الفاجعة وَوُلِد فيها القرار التاريخي الأول وُلدت أوامر ملكية أفرحت الشعبَ وأدخلت البهجةَ إلى نفوسهم وهم يتلقونها كوابل المطر على أرواحهم، كيف لا، وهي أوامر بقدر كَمِّها كان كيفها وكان وقعها. قرارات تصب جميعها في مصلحة الوطن والمواطن، وتحمل الخير والنماء، وتختصر كثيرًا من مسافات التنمية. أحداث الأسبوع المنصرم المتسارعة لا يمكن اللحاق بها وحصرها، والأحداث ذاتها هي التي حتَّمت عليَّ العودة للكتابة بعد أن أمضيت أسبوعين بعيدًا عن مصافحة أرواح القراء الأعزاء وتبقَّى أسبوع ثالث، غير أنني لم أستطع البقاء صامتًا ووطننا يشهد قرارات تاريخية مفصلية ارتضتها القيادة العليا وتلقاها المواطنون بسعادة غامرة. وكما ذكرت آنفًا فالأحداث التي شهدها وطننا الغالي خلال الأسبوع المنصرم كثيرة ومتسارعة، لكنني سأتكلم هذا الأسبوع عن أمرين: الأمر الأول، عن أهمية ثقافة القائد "سلمان" والآخر عن عودة "الفيصل" أميرًا لمنطقة مكة المكرمة. فعن ثقافة سلمان أقول: يظن البعض أن القائد الناجح هو الذي يمتلك كاريزما خاصة، ولديه المقدرة على اتخاذ القرار، وذو شخصية قوية تفرض احترامها. هذه المواصفات يُفترَض توافرها لدى القائد غير أن عنصر (الثقافة) برأيي هو العنصر الذي ينبغي أن يتوافر قبل غيره لدى القائد؛ فالقائد المثقف أدرى وأفقه وأعلم بشؤون رعيته. القائد المثقف ينظر للأمور بشمولية، ولديه توجهات مثالية. القائد المثقف متفاعل مع رعيته، مطَّلع على تفاصيل حياتها، متجاوب مع آمالها وتطلعاتها، وعلى تواصل مباشر معها. القائد المثقف يتخذ قراراته وفق رؤية خاصة تراعي الظرفين الزماني والمكاني. القائد المثقف تظهر بصمته جلية على قراراته. القائد المثقف يمتلك ناصية الكلمة المنطوقة والمكتوبة. القائد المثقف متابع دقيق لما تطرحه الأقلام عبر وسائل الإعلام ووسائطه، ويعرف ما وراء الكلمة وما تحمله من أوجه. القائد المثقف تطمئن لرجاحة فكره وصوابية قراراته. وأجزم أن "سلمان المثقف" تتوافر فيه المواصفات السابقة، وهو الذي عُرف عنه بأنه القارئ الواعي والمثقف الشامل وصديق الكِتاب والكُتّاب والمثقفين، ولا أدلَّ على ذلك من منحه كل نادٍ أدبي عشرة ملايين ريال؛ إيمانًا منه بأهمية ودور الأدب والثقافة في المجتمعات. وهنا أجدها فرصة لشكره باسم مجلس إدارة اللجنة الثقافية بالعُرضيَّات التابعة لأدبي جدة. الأمر الآخر، هو عودة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أميرًا لمنطقة مكة المكرمة مسقط رأسه وعشقه المقدَّس. ليس غريبًا أن يعود الفيصل أميرًا لمنطقة مكة وهو الذي أمضى فيها سنوات شهد له الجميع بأنه ترك فيها بصمة لا تُمحى وأثرًا لا يمكن حجبه بغربال النفي. فرحتنا -نحن أهالي منطقة مكة المكرمة- بعودة الفيصل تأتي من كوننا عرفنا الفيصل صاحب فكر ثاقب وذا رأي راجح وقرارات حاسمة ستبعث الحياة في أوصال المشروعات المتعثرة. وكما قلتُ عن ثقافة قائدنا الملك سلمان بن عبدالعزيز فالفيصل عُرف أيضًا بأنه رجل الفكر والثقافة. لذا ومن وجهة نظر خاصة أقول: متى توافر الفكر والثقافة لدى القائد فكفى بهما منزلةً وقَدرًا، وكفى بهما مصدرَي اطمئنان لدى الرعية. Mashr-26@hotmail.com
مشاركة :