عندما قابل الفرزدق سيدنا الحسين الذي خرج ثائرًا ضد يزيد بن معاوية عام 61 هـ قال له: "قلوب الناس معك، وسيوفهم عليك".ومقولة الفرزدق تعكس بوضوح وجلاء مأساة انفصال الضمير العربي عن الواقع، وإصابة المجتمع بالخرس، رغم أن القرآن الكريم يقص علينا أن رجلا كان يكتم إيمانه في أجواء مشبعة بالخوف والرعب حيث الطابور الخامس في كل مكان، فشعر أن الأمان والأمن ليس في الصمت والخرس والعمى، بل في الجهر والإعلان فقال: "أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله "؟!فكان جزاؤه " فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ". مؤمن – آية 45فأغرق الله فرعون وجنوده، وخسف بمجتمع فرعون، الذي لم يدرك معنى رسل الله من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، الأرض.ولكننا لا نتدبر القرآن ولا نفهم التاريخ حين يخبرنا أن كان قاتل أمير المؤمنين المظفر سيف الدين قطز هازم المغول في "عين جالوت" هو أمير المؤمنين الظاهر بيبرس. ففي الوطن العربي الكبير الذي أصبح حرا ديمقراطيا لم نر منذ سقيفة بني ساعدة رئيسا جاء للسلطة عبر صندوق الانتخاب، وغادرها عبر صندوق الانتخاب، ولم ولن نسمع ما قاله الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك والابتسامة تعلو وجهه:" في الغد سأعود مواطنا طيبا، ورئيسا سابقا، سأتمتع بما تبقى لي من عمر وأنا أعيش بين هذا الشعب الجميل الذي استأجر لي بأصواته قصر الإليزيه لسنوات طويلة مضت".فلا أحد هنا بحكم التاريخ والجغرافيا يملك إجابة لسؤال لينين: "ما العمل"؟!لذا أتفق تماما مع ما طرحه الصحفي الكبير الأستاذ ياسر رزق في مقاله "عام الإصلاح السياسي الذي تأخر" في "أخبار اليوم" السبت الماضي 29-12-2018 بضرورة تعديل الدستور ليستمر الرئيس السيسي في منصبه مددا مفتوحة لأنه كما يقول:" لم يتوقع المشرعون الدستوريون أن يتولى الرئاسة شخص كان عازفًا عنها، واضطر لقبولها تحت ضغط شعبي، هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولم تكن فى مخيلتهم أن يحمل هذا البطل الشعبي على كتفيه مسئولية نهضة مصر ويقطع خطوات واسعة على طريق لا تبدو نهايته فى عام 2022".مضيفا " ولست أظن أحدًا سواء من عموم الناس أو من الصفوة المثقفة أو من النخبة السياسية، لا يساوره القلق على مستقبل الحكم فيما بعد 2022، أى في أعقاب انتهاء مدة الرئاسة الثانية الحالية للرئيس عبدالفتاح السيسي".وأظن أنها الكلمات ذاتها التي كان يكتبها إبراهيم نافع وأسامة سرايا وجلال دويدار وسمير رجب للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك..ولكننا لا نقرأ حتى تاريخ العام الماضي، لذا قررت أنا أكون رابع تلك القردة الثلاثة، فـ " الجهل هو القوة " كما يقول جورج أويل.
مشاركة :