تثير مصادر الحصول على المال قلق كثير من كبار السن في اليابان، كما هو حال سائر الفئات العمرية. ومن بين أولئك الذين أجابوا على المسح الوطني قائلين إن ظروف حياتهم صعبة نوعا ما، أو صعبة، أو صعبة للغاية، تألفت أكبر مجموعة منهم من الذين يبلغون الـ40 من العمر، ونسبتهم 38 في المائة وجاء بعدها من هم في الستينيات من العمر، ونسبتهم 37 في المائة. مستوى نفقات المتقاعدين أمثال تانيوشي مرتفع، فعليها سداد أقساط التأمين الطبي، والتأمين ضد الحريق، وسداد الرهن العقاري لمنزلها، ولا يكفي دخلها لتأجير الطابق الأرضي في منزلها لتغطيتها. وتقول "أستطيع رغم ذلك أن أغطي نفقاتي بالكاد في ظل ظروفي الحالية، بفضل مساعدة أبنائي لي". تمارس جيتونبيبي شيراجبهي شيخ عملا غير رسمي من منزلها، وهي من مدينة أحمدآباد في ولاية جوجارات غرب الهند، وقد تزوجت وهي في الـ18 من عمرها. وفي ذلك الوقت، كان زوجها هو العائل الوحيد للأسرة، ويكسب أقل من 1850 روبية "25 دولارا" في الشهر من الاشتغال في أعمال متقطعة. وكانت أسرة جيتونبيبي تتكون من ستة أفراد يعتمدون على دخل زوجها، فكان لحياتها اليومية متطلبات كثيرة وواجهت مصاعب كبيرة. ثم ساءت الأوضاع بعد إصابة أم زوجها بمرض السل، ونظرا لعدم وجود تأمين صحي، اضطرت الأسرة لرهن بعض ممتلكاتها القليلة، بما فيها مجوهرات الزفاف، لسداد تكاليف العلاج. ونظرا لعدم امتلاك الأسرة أصولا كبيرة، لم تتمكن من الحصول على قرض من بنك رسمي، واضطرت جيتونبيبي أن تستدين من مقرضين محليين بأسعار فائدة عالية بلا مبرر، ما أدخلها وأسرتها في حلقة مفرغة من الدين والفقر. وقصة جيتونبيبي ليست فريدة من نوعها. فما يزيد على 90 في المائة من القوى العاملة الهندية تعمل في القطاع غير الرسمي، أكثر من 50 في المائة منهم يعملون في الزراعة والقطاعات وثيقة الصلة بها، وأكثر من 20 في المائة يعملون في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات الرخيصة. وتتعرض فرص العمل في الاقتصاد غير الرسمي للتغير المستمر بسبب المنافسة الضارية، واتجاهات السوق، وتغير السياسات الاقتصادية. إذن، بات من الشائع أن يسعى العاملون غير الرسميين إلى الحصول على أكثر من فرصة عمل. فالبائع الجوال صباحا قد يعمل ليلا في لف البيدي "نوع رخيص من السيجار الهندي" وصانع طائرات ورقية في فترة مهرجان الطائرات. ونادرا ما يحصل أي عامل في القطاع غير الرسمي على أي نوع من التأمين أو الرعاية الصحية أو خدمات رعاية الطفل أو يستفيد من الخدمات المصرفية الرسمية. والافتقار إلى الحماية الاجتماعية هو إحدى العقبات الرئيسة التي تحول بين هؤلاء العاملين وبين الإفلات من غلبة الدين والفقر، وعيش حياة طيبة كريمة. وذات يوم، قامت إحدى جارات جيتونبيبي بتعريفها على الجمعية النسائية لصاحبات العمل الحر، وهو اتحاد عمالي يضم أكثر من 1.5 مليون امرأة عاملة ذات دخل منخفض وتعمل في القطاع غير الرسمي. وتشجع هذه الجمعية أعضاءها على العمل وكسب العيش والحصول على الضمان الاجتماعي بتقديم قروض مباشرة وتسهيل الحصول على التأمين الصحي، والتأمين على الحياة، والتأمين على المنازل، وتأمين محاصيل العمالة في الريف، وخدمات أخرى. وتضم هذه الجمعية في عضويتها نساء يعملن فيما يزيد على 125 نشاطا، مثل الحائكات، وجامعات القمامة، والبائعات الجوالات، والعاملات من المنازل، والعاملات في تربية الحيوانات، وصاحبات الحرف المختلفة. وانضمت جيتونبيبي إلى الجمعية وسرعان ما فتحت حسابا في المصرف التابع للجمعية وبدأت تدخر خمس روبيات "0.7 دولار" في الشهر. ثم سجلت أبناءها في مركز رعاية الطفل التابع للجمعية وانضمت إلى برنامج لتعليم الحياكة. وحصلت بعد ستة أشهر على قرض بقيمة عشرة آلاف روبية "135 دولارا" وبدأت مشروع الحياكة الخاص بها من منزلها. وما بدأ بعمل إصلاحات بسيطة وتعديلات للملابس تطور إلى حياكة القمصان والسراويل القصيرة والسترات، وملابس أخرى. ولم يمض وقت طويل حتى بدأت تكسب 11 ألف روبية "150 دولارا" في الشهر، كما كانت تحيك ملابس جاهزة من إنتاجها. الآن وقد بلغت جيتونبيبي 51 عاما، أصبحت تمتلك مشروع الحياكة الخاص بها منذ ما يزيد على عشر سنوات. وأصبحت أسرتها تكسب أكثر من 55 ألف روبية "750 دولارا" شهريا. وعندما كانت تعمل في القطاع غير الرسمي، كانت هي وأسرتها عرضة للمصاعب اليومية وتقلبات الحياة صعودا وهبوطا، لا يستطيعون الاعتماد على دخل ثابت أو وضع خطة لمستقبلهم. واليوم، أصبحت تدير مشروعا مزدهرا، ولديها تأمين صحي، وتأمين على الحياة، والأهم من ذلك، تأمين للمنزل الذي يغطي مكان عملها ومصدر دخلها. والخلاصة هي أن جيتونبيبي استطاعت أن تخرج من أسر دائرة الفقر.
مشاركة :