وسقط الإعلام الغربي أخلاقياً مرة أخرى | سامي سعيد حبيب

  • 2/14/2015
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

قابل الإعلام الغربي المذبحة التي راح ضحيتها ثلاثة من الطلبة المسلمين الدارسين بالولايات المتحدة وهم (الشاب السوري ضياء شادي بركات وزوجته الفلسطينية يسر محمد أبوصالحة وأختها رزان -رحمهم الله جميعاً-) بالتجاهل والتهميش والاستخفاف، بل وبالتغطية والتستر على الجريمة لولا أن قيض الله لها مواقع التواصل الاجتماعي لكشفها وكشف التواطؤ معها، إذ أنشأ بعض النشطاء المسلمون موقعاً خاصاً على "الهاش تاق"، ونشرت من خلاله مناظر الضحايا الأبرياء، وأخذ الناس من كل جنس ولغة ولون من جميع أرجاء المعمورة يتعرّفون على ما جرى، ينتقدون بشدة كلا من السلطات الأمريكية والإعلام الغربي على كل هذا التكتم والتستر على جريمة نكراء كتلك، عندها بدأ الإعلام الغربي المتعصب في كشف أطراف الجريمة المذبحة، والتحدث عنها على مضض. وقعت الحادثة الإرهابية فجر الأربعاء الماضي بمنزل العائلة المشار إليها أعلاه بجامعة نورث كارولينا بولاية كارولينا الشمالية الأمريكية على يد متطرف أمريكي من المتعصبين ذوي البشرة الشقراء، اقتحم البيت وبادر سكانه وهم في دهشة النوم بوابلٍ من الطلقات النارية. لم يغطِ الإعلام الأمريكي تلك الجريمة الشنعاء كما هي عادته عند وقوع أحداث دامية أو دراماتيكية، ولم يتظاهر ذلك الإعلام المنافق ولو كذباً بالتباكي على أنفس بشرية زكية أزهقت دون ذنب ولا سبب، اللهم إلا استرخاص الدم المسلم، ولم ينعت الجريمة البشعة بالإرهاب أو أعمال الكراهية الدينية، كما فعل مثلاً مع حادثة شارلي-إبيدو بفرنسا منذ أسابيع، والتي تداعت لها أجهزة الإعلام العالمية، وتواردت آلاف الاستنكارات والتنديدات الدولية تعاطفاً مع فرنسا، وتباكياً على "حرية التعبير"، رغم تهافت الرواية الفرنسية الرسمية للحادث التي لا يتسع المقام لسردها لكن التناقضات كثيرة، ورفع الكثيرون في العالم شعار كلنا شارلي، بل وحضر زهاء 24 من كبار قادة العالم لينضموا إلى مسيرة الرئيس الفرنسي أولاند ووزرائه وكبار الأعيان الفرنسيين للتضامن مع فرنسا ضد ما يُسمِّيه كثير من وسائل الإعلام الغربي بـ"الإرهاب الإسلامي"، ومن المتناقضات المضحكة المبكية أن يتصدر تلك المسيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو أحد أكبر الإرهابيين في عالم اليوم، فيديه لم تزل مضرجة بدماء أشقائنا الفلسطينيين بغزة، في ازدواجية بغيضة في المعايير تكلل جبين الإنسانية بالخزي والعار، ونقول لكل زاعم أن الحادثتين تختلفان في ظروفهما: ماذا لو كان الضحايا في الحادثة الأخيرة يهوداً، وكان مرتكبو الجرم من إحدى التنظيمات الإسلامية المتطرفة، هل كنا سنسمع سوى الدوي الهادر والزمجرة التي تصم الآذان من السياسيين الغربيين ومن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والفضائيات العالمية التي لن تكف عن اتهام الإسلام بالإرهاب، وتوجيه السباب للمسلمين، والتحريض على استهداف ديارهم. مضت 12 ساعة على الجريمة دون أن يُحرِّك الإعلام الأمريكي أو الغربي عموماً ساكنا بشأنها، الجهة الإعلامية الوحيدة التي قامت بنوع من التغطية للحادثة كانت صحيفة "الاندبندنت" البريطانيّة فقد كانت أول الكاشفين العالميين عن القضيّة ثم تلتها الـ"سي إن إن" بعد 12 ساعة أخرى من وقوع الجريمة. أما الصحف الأمريكية واسعة الانتشار مثل: "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"تايم".. وغيرها، فقد آثرت المضي في روتينها المعتاد في الحديث عن المشاهير والفنانين وغيرها من مواضيع الترف الروتينية اليومية. كما واجتهد الإعلام الغربي في الدفاع مقدماً عن الإرهابي مدّعين أنه ملحد، لدرء الشبهة عن دوافع التعصب الديني اليميني المتصهين الأعمى الذي يعتنقه فوق 80 مليون أمريكي. لقد سقطت عن الغرب أقنعة حقوق الإنسان والعدالة والحرية الدينية وحرية التعبير عن النفس... الخ الأسطوانة المشروخة، فالحوادث تثبت تباعاً أن حربهم المزعومة على الإرهاب (وهو موجود) ليست إلا تغطية على حربهم على الإسلام والمسلمين. يجب علينا أن نعي ذلك تماماً وأن نتعامل مع الواقع كما هو، وليس من خلال الصورة الوردية التي ينشرها الإعلام الغربي عن العالم الغربي. والله المستعان.

مشاركة :