النجاة من القادم المجهول - علي حسن الشاطر

  • 2/16/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

كل المؤشرات والمعطيات التي تفرزها حقائق الواقع وتكتنف المشهد السياسي اليمني برمته تؤكد بأن اليمن يعيش أخطر منعطف في تاريخه المعاصر، ويتجه نحو المجهول، ما يحتم على الأطراف المتحاورة فيما يسمى بالموفنبيك سرعة تداركه حتى لاتندم في الوقت الذي لاينفع فيه الندم، وأن تعمل في المقام الأول على تغليب مصلحة اليمن وإنهاء انقساماتها الخطيرة وتمسكها برؤاها الأحادية التي تعرقل مسار الحوار وتنعكس سلباً على مجمل الأوضاع في البلاد، وتضاعف آلام الناس ومعاناتهم التي تفاقمت خلال الأربع سنوات الماضية، وأصبحوا غير قادرين على تحمل المزيد من المتاعب والصعاب والخوف والقلق والرعب إرضاءً لمطامع حزب معين أو قوى نافذة لايهمها سوى إشباع رغباتها على حساب مصالح الشعب الذي يتطلع بكل الأمل للخروج من النفق المظلم، ليس بهدف الوصول إلى المستقبل الأفضل وإنما النجاة من القادم المجهول، وبلوغ الحد الأدنى من ضمانات الحفاظ على سلامة الوطن ووحدته وتماسك نسيجه الاجتماعي. إن الواجب الوطني والمسؤولية التاريخية يحتمان على القوى والمكونات السياسية أن تتجرد عن انتهازيتها وأنانيتها وذاتيتها ونزوعها نحو الإقصاء والاستفراد بكل شيء في وطن قد يصبح لا يملك شيئاً، وأن يعمل الجميع لإنقاذ اليمن وضمان حياة آمنة وكريمة لليمنيين في ظل دولة تحميهم وتؤمنهم وتبسط نفوذها وسلطاتها على كل ربوع الوطن، وتحافظ على سلامة ووحدة وأمن اليمن، وينتهي في ظلها الشطط والعنتريات، والإصرار على الهيمنة والتسلط على مقدرات الوطن، وإلغاء الآخر.. وعدم القبول بالرأي والرأي الآخر، وكبت الحريات وتكميم الأفواه، الدولة التي تهيئ الظروف والمناخات الملائمة لحشد كل الجهود والطاقات في بوتقة الوحدة الوطنية الصحيحة التي ستعطي للعمل الوطني الصادق دفعات قوية إلى الأمام على طريق الإسراع بانجاز مهام تخليص اليمن من الأوضاع المتأزمة التي تتلاحق وتتسارع وتتعقد أكثر، وبالتالي العمل على معالجة الأضرار التي خلفتها أزمة عام 2011، وكسر شوكة التجاذبات والصراعات من أجل النفوذ، والتوجه لبناء الدولة اليمنية الحديثة على أساس من الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والسيادة الوطنية، باعتبار ذلك هو البديل الأسلم والأفضل للفوضى والانفلات اللذين تفرزهما المكايدات والمزايدات والمراوغات. أمام مراوحة الحوار الجاري برعاية أممية بين المكونات السياسية اليمنية، وعدم الوصول إلى اتفاق ينهي حالة الاحتقان الشديد، ويخفف من حدة التوتر المخيم على أرجاء اليمن، هل يدرك المتحاورون بأن فشلهم في الحوار يعني بأن البديل هو القتال، وأن الواجب عليهم تقديم التنازلات لبعضهم البعض من أجل الشعب وسلامة اليمن.. بدلاً من التمترس وراء المواقف المتشددة والمتشنجة؟ ثم هل وضع المتحاورون في أذهانهم تصورات لسيناريو مشهد مابعد الفشل..؟ وهل يدركون بأن مكوناتهم السياسية التي تتصدر المشهد ستكون مسؤولة تاريخياً عن تمزق وتشظي اليمن، وعن المآلات الكارثية التي ستصل إليها البلاد سيكون أقلها الانزلاق نحو حرب أهلية طاحنة، كون تلك الأحزاب لم تعد تهمها مصلحة الوطن بقدر تركيزها على مصالحها الذاتية؟؟ ومع ذلك لايزال اليمنيون ينتظرون أن تتوصل المكونات السياسية إلى ما يحقق التوافق والاتفاق حول مشترك واحد ووحيد هو الوطن، وإخراجه من المأزق الأشد خطورة، ومن ثم توحيد جهودها وكل اهتماماتها لبناء اليمن الديمقراطي الموحد في ظل السيادة الوطنية والعيش الكريم والتقدم والسلام، وعدم القفز على حقائق الواقع، والعمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومضامين اتفاق السلم والشراكة الوطنية، انطلاقاً من مبادئ وأهداف الثورة اليمنية المباركة (26 سبتمبر و14 أكتوبر) التي لازالت تجسد أماني اليمنيين وآمالهم المشروعة، والتي في سبيلها ودفاعاً عنها قدم شعبنا قوافل من الشهداء، ولاشك أن تلك المبادئ والأهداف لازالت محل اتفاق وإجماع وطني عام، وأنها تشكل خارطة طريق مكتملة الأركان لو أُحسن تطبيقها وتجسيدها في الواقع المعاش، لبناء اليمن الجديد والمزدهر.

مشاركة :