التجرد من أوزار الماضي - علي حسن الشاطر

  • 2/25/2014
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

قبل عامين.. وبالتحديد يوم 27 فبراير 2012 كان المشهد اليمني مختلفاً ومتفرداً حين قدّم اليمنيون انموذجاً غير مسبوق في المنطقة بتسليم واستلام السلطة بطريقة سلمية وديمقراطية بين رئيس سلف، ورئيس خلف، في إطار تجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة، بعد انتخابات رئاسية مبكرة، مثّلت نقلة نوعية في حياة اليمنيين، وخطوة ديمقراطية مهمة، ورسالة أراد الشعب اليمني أن يوجهها لكل دعاة الفوضى والتخريب والانقلابات، بأنه اختار الأمن والاستقرار، وانطلق لتحقيق التغيير الحقيقي نحو الأفضل بإرادته، وبما يُلبي تطلعات اليمنيين للعيش في وطن تظلله أجواء الحرية والديمقراطية، وتسوده قيم العدل والمساواة والشراكة الوطنية الحقيقية، ويكون الأمن والاستقرار ركيزته الصلبة، بعد أن توافق اليمنيون على خارطة طريق رسمت ملامحها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمَّنَة لإنقاذ اليمن من الانهيار ومن الانزلاق إلى حرب أهلية كانت نذرها تلوح في الأفق لولا عناية الله، وتعاون الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي الذين بذلوا جهوداً مضنية لإطفاء نار الفتنة، والتوفيق بين القوى المتصارعة، والوصول إلى اتفاق لإجراء التسوية السياسية للأزمة التي كادت تقضي على كل الآمال وتأكل الأخضر واليابس، وتزج باليمنيين إلى مستقبل مجهول مليء بالمخاطر والمآسي، ووضع اليمنيون كل آمالهم على حكومة الوفاق الوطني للنهوض بالمهام التنفيذية والإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية، وإدارة مرافق الخدمات والقطاعات الإنتاجية بكفاءة عالية، وإشاعة أجواء الأمن والاستقرار، وإزالة شبح الخوف الذي سيطر أثناء الأزمة، بحيث يشعر المواطنون بانفراج الأزمة وتحسن الظروف المعيشية والأمنية، ويلمسون جدية العمل على تحقيق آمالهم وطموحاتهم في التغيير وبناء اليمن الجديد، وتحقيق التطور المنشود، وبما يمكنهم من مواجهة التحدّيات الصعبة التي تتطلب تعاون كل الشرفاء للعبور بالوطن من ضفة اليأس إلى ضفة الأمل، والتي تتحمل فيها الأحزاب والتنظيمات السياسية مسؤولية تاريخية لصنع مستقبل اليمن الواضح المعالم بقلوب بيضاء صافية ومتسامحة، وتحقيق التحولات الكبرى التي لا يمكن أن تصنعها الصدفة، أو تأتي بها الأمنيات، وبالتالي التجرد من أوزار الماضي وتبعات العداوات التي أراد البعض من خلالها تصفية الحسابات والقفز على الواقع والاستحواذ على المزيد من الجاه والنفوذ والثروة على حساب أوجاع المواطنين ومعاناتهم التي تتفاقم كل يوم، لأن ذلك البعض لم يستوعبوا أنهم بذلك يخسرون ولن يحققوا أي مكسب ذاتي - وإن خيّل لهم في يوم من الأيام بأنهم انتصروا لنزواتهم ونزعاتهم العدوانية ضد الوطن- الذي لن يقوى ولن يظل متماسكاً إلّا بقوة التماسك الاجتماعي، والالتفاف حول مشروع وطني كبير تصغر أمامه المشاريع الصغيرة والذاتية والطموحات غير المشروعة، خاصة وقد أثبتت التجارب أن الخيبة والفشل قرين من يحاول تخدير الجماهير بشعارات زائفة ومنطق مخادع، فالشعب اليمني قد جرّب وخَبرَ كل ما له علاقة بألاعيب كهذه بما فيها الأخذ بمنطق القوة الذي يتوجب إسقاطه من رؤوس كل من لازال يجاري ويستمرئ خداع نفسه وخداع الآخرين. لقد كانت المسؤوليات التي انتصبت أمام الجميع بعد الاتفاق على إجراء التسوية السياسية للأزمة - ومازالت - عظيمة وجسيمة، لأن الأوضاع المعاشة مثقلة بالأزمات المعقدة والمتشابكة - اقتصاديّاً واجتماعيّاً وأمنيّاً وإنسانيّاً - تتطلب مضاعفة الجهود والتفاعل الخلَّاق والصادق من قبل الجميع؛ لأن اليمن لم يعد قادراً على تحمّل المزيد من الأزمات الكيدية، بقدر حاجته للتعامل بروح المسؤولية الوطنية والنزاهة والابتعاد عن الحسابات الضيقة، ليسهل العمل على إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتطويره وتحديثه على أسس واقعية وعلمية، وعلى قاعدة الاستغلال الأمثل لمقدرات اليمن المختلفة..

مشاركة :