كم هي بائسة شعوب كثير من دول العالم! كم هو حجم معاناة بعضها! ومن الشرق في شبه القارة الهندية، إلى الغرب في إفريقيا ترزح عشرات الملايين من البشر تحت وطأة الفقر والمرض والجهل. وقد لا يكون الفقر هو خاتمة المطاف، ولا قمة الكوارث (ما الفقر أخشى عليكم)، لكن الفساد الضارب في أطناب هذه الدول حتى لأنها تفقد قدرتها على التخطيط لمستقبلها، ولإشاعة نور في نهاية النفق الذي يسد عليها كل الآمال والأحلام والرؤى. والشعب الأفغاني من أشد هذه الشعوب معاناة، فلقد ألقت الحروب المتواصلة ظلالها الكئيبة على الحياة هناك، فلا تكاد تسمع إلاّ ضجيج المدافع، وأصوات البنادق، وفواجع الانفجارات. وقد يصعب على المهتم الوصول إلى عمق الحقيقة في داخل أفغانستان، لكن ثمة أرقام مرعبة عن زراعة المخدّر الأشدّ فتكًا على مستوى العالم، بالنظر إلى الكميات الكبيرة التي تُنتج من تلك الأرض الخصبة -حسب إحصائيات الأمم المتحدة-. تقول آخر الإحصائيات الأممية بأن زراعة الأفيون زادت بنسبة 7% عام 2014م؛ لتغطي مساحة تزيد عن ألفي كيلومتر مربع (ملياري متر مربع)؛ ممّا نتج عنه 38 طنًا من الهيروين، والمورفين سنويًّا تشكل 85% من الإنتاج العالمي الكلي. وبالنسبة لعدد متعاطي المخدرات في أفغانستان، فقد ارتفعت نسبتهم بواقع 60% منذ عام 2009م (أي خلال 5 سنوات فقط)؛ ليصبح العدد 1,6 مليون شخص، أو ما يقارب 5% من إجمالي السكان. الدولة هناك عاجزة عن تقديم العلاج المناسب عبر المراكز المتخصصة، والأعداد في المقابل تتزايد باستمرار. ويُقال إن الولايات المتحدة قد أنفقت 7 مليارات دولار لمحاربة هذه النبتة الخبيثة، لكنّها فشلت بجدارة. ومن وسائل المواجهة، كان الدفع للمزارعين الأفغان للتحوّل من زراعة نبتة الأفيون إلى زراعة القمح. لكن التحوّل المعاكس يعود سريعًا بسبب فرق العائد الهائل في القيمة المادية. ولأن العالم بات من المتفرجين، فإن آثار هذا البلاء العظيم ستنتشر في كل اتجاه، وستعاني منها الدول الغنية قبل الفقيرة؛ لأنها المستهدفة الأولى، والغاية الأكبر. لم يعد العالم قرية فقط، بل سفينة كبيرة، إذا خُرقت غرق مَن فيها ولو بعد حين!! salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :