رسائل بين غوركي وتشيخوف (1/2)

  • 2/23/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

«قيمة هذه الرسائل أنها لم تكتب للنشر وهي بعيدة عن مقتضيات التأنق الأدبي ومهما كانت صراحة الكاتب كبيرة في مؤلفاته عندما يكتب سيرته فإنه يتجاوز عن أشياء ويقف عند حدود» ( جلال الشريف) كانت الرسائل بين المبدعين من أصحاب القلم والريشة والمسرح وسيلة تواصل وتفاهم على أمور أدبية/فنية ومسائل مشتركة بين طرفين تحمل بين طياتها الصراحة والبوح حسب موضوعاتها، وربما مازالت ولكن بمستوى أقل في وقت سيطرت فيه وسائل التواصل الحديثة التي اختصرت واخترمت المعتاد بما أوجدت من أساليب تتسم بالسرعة والاختصار والتقليص مما جعلها في دائرتها الضيقة نسبياً تكون في تداولها مستولية على مساحة عريضة ولكن فعلها يدور بشكل حلزوني مقلوب، ولهذا فهي لم تحتل مكانة تشير إلى أهمية ذات بال مثل الرسائل التي كانت بين مبدعي الأجيال الماضية التي اعتمدت على الرسائل الورقية التي يكون الطرفان المرسل/المستقبل ينظر كل منهما ردة الفعل المقابل ومدى التأثير. في الرسائل المتبادلة بين مكسيم غوركي وأنطوان تشيخوف لكونهما من أشهر الأدباء العالميين لابد من فائدة سيجنيها المتلقي في سائر أنحاء العالم، فكل منهما له مؤلفاته القيمة التي مثلت مدارس تخرج منها مبدعون بلغوا العالمية، ومازالا حتى يومنا الراهن والقادم محل الحفاوة النشرية بالترجمات المتواليات إلى اللغات العالمية المختلفة، غوركي في روايته «الأم» وكتاب «حياتي» سيرته الذاتية، قصصه «المشردون» وغيرها مما سطره قلمه وتناقلته دور النشر في المعمورة لما تحويه عطاءاته من رؤى إنسانية تمتاز بالفنية العالية في الرسم والتصوير بالعبارات المؤثرة الدالة على فعل فاعل في الحياة العامة. أنطوان تشيخوف لم يختلف عليه اثنان في أنحاء العالم بأنه رائد فذ وفريد في فن القصة القصيرة، والدراسات العالمية عن فن القصة تجعله في المقدمة ولا من يماري في ذلك، وفي وقتنا الراهن يجد من العناية والنشر لمجموعاته القصصية في كل مكان ويقرأ على المستويات كافة، وفي تفرده ومغايرته لسواه صار علامة فارقة في فنه، الذي خلق شخصيات مستمدة من الواقع المعاش الذي يدركه الفرد في أي مجتمع كان حول صفات الأشخاص، وحول حاجاتهم ومشاركاتهم الوجدانية المتلاحمة كسلسلة تمتد حلقاتها إلى جميع أنحاء العالم وبازدياد من قبل الكائن الإنساني والملاحق للمعرفة وتتبع الإبداع تزداد حلقات السلسلة اللا متناهية. الرسائل بينهما فيها الكثير من الدروس التي تجعل من يريد أن يسلك طريق الإبداع ويعطي حسب قدراته وهو قد وضع نصب عينه هدفاً يريد أن يحققه ويعمل من أجله أمام النجاح في تحقيق الهدف. رسائل (غوركي/ تشيخوف) خريطة طريق توصل إلى المراد، وسيكون الوقوف عندها واستعراض بعضها ما يؤكد حقية كونها دروساً من مُعَلِّمَيْنٍ مَعْلَمَيْنِ يستحقان أن يحصل المريد منها على الفائدة التي توصله إلى الهدف.

مشاركة :