ثقافيّة عربيّة افتراضّية خاصة في الفيس بوك والانستجرام؛ مواقع ثقافية افتراضيّة استثنائيّة في تقديم محتواها الابتكاريّ الجاذب القائم على التفكيك والنقد والتحليل وليس الاستنساخ الآلي المحض. وإذا كان الفيس بوك يمثل التجمعات العربّية الثقافيّة الافتراضيّة الأكبر حجمًا قياسا بنسبة مستخدميه ومتابعيه في معظم الدول العربية، فإن الانستجرام هو الأكثر حظوة في دول الخليج العربية، ومع ذلك فإن تأثير الانستجرام ونسبة ابتكار المحتوى الثقافي فيه تظلُّ تمثل نسبة ضئيلة جدًا بالقياس إلى سطوة الفيس بوك عربيا. ورغم ذلك أيضًا يظل الابتكار في المحتوى الثقافي في الفيس بوك عربيا على درجة ضئيلة جدًا من التأثير، وتظلّ المدوّنات الثقافية العربيّة بحاجة إلى عمل مؤسسيّ فاعل لكي تستمر ولكي تتجاوز دوائر التأثير العربيّة إلى التأثير العالميّ. نحن بحاجة إلى أرشفة ثقافية عربيّة إلكترونية للمحتويات الثقافية العربية، وهذا جهد بحاجة إلى أن يصدر عن استراتيجيات ثقافية عربية لعمل مؤسسيّ وليس عملاً فرديا. ولدينا بعض الجهود التي بدأت في تطبيق مثل هذه الأرشفة الثقافية الإلكترونيّة في كل من مصر ودولة الإمارات العربيّة المتحدة، وهناك جهود استثنائية في مختلف الدول العربية فعلى سبيل المثال اشتغلت هيئة البحرين للثقافة والآثار على توثيق أرشيف أنشطتها الثقافية مستثمرة في ذلك مختلف وسائل التواصل الإلكتروني الفاعلة، ونجد مثل هذه العناية كذلك في مركز عيسى الثقافي وأسرة الأدباء والكتاب ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد ومركز كانو الثقافي وغيرها. هناك مجال كبير للابتكار في المحتوى الثقافيّ العربيّ الافتراضيّ، ولدينا في الدول العربية مادة ضخمة جدًا من الأرشيفات والمدوّنات إلى جانب كم كبير من التاريخ الشفهيّOral History الذي يمكن العناية به وترويجه ثقافيا. وإذا كان الإنجاز العربيّ في مجال التعاون الثقافيّ يظلّ مرهونًا بالعوائق السياسية في كثير من الأحيان إلى جانب العوائق البيروقراطية؛ فتستطيع كل دولة عربية بمفردها الآن الاشتغال على قاعدة معلوماتها الثقافية الإلكترونية، وهذا العمل يجب ألا يكون عبئا فقط على وزارات الثقافة بل هو عمل يجب أن تتضافر فيه الجهود جميعها للإنجاز من الجامعات والدوائر الأكاديمية والمدارس الحكومية والمؤسسات الثقافية غير الرسمية إلى جانب إسهامات المثقفين العرب في شراكات ثقافية عربية. إنَّ وجود محتويات ثقافية عربية جاذبة يمكن أن يكون طريقنا إلى العالمية وإلى تعميق أثر الثقافة العربية من خلال التواصل الحضاري مع مختلف الثقافات والحضارات العالمية. أستاذة السرديات والنقد الأدبيّ الحديث المساعد، كلية الآداب، جامعة البحرين. dheyaalkaabi@gmail.com
مشاركة :