سـرديـات: سرديات الزنوجة فـي الأدب الـعـالـمي

  • 2/12/2022
  • 09:02
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يُعد‭ ‬تيار‭ ‬دراسات‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الأفارقة‭ ‬African‭_‬American‭ ‬and‭ ‬Post‭_‬Colonial‭ ‬Studies‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬دراسات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكولونياليّة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬اشتغل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النقاد‭ ‬والمنظرين‭ ‬على‭ ‬دراسة‭ ‬ثقافة‭ ‬السود‭ ‬بوصفها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬حالات‭ ‬الشتات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬مع‭ ‬ترحيل‭ ‬الزنوج‭ ‬القسريّ‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أوطانهم‭ ‬الأصلية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المستعمرات‭ ‬الأوروبية‭ ‬النائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمالة‭ ‬الرخيصة‭. ‬لقد‭ ‬نشأتْ‭ ‬‮«‬الزنوجية‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العلاقة‭ ‬المركبة‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬ثقافات‭ ‬المصدر‭ ‬الأفريقيّة‭ ‬ومجتمعاتها‭ ‬المتبناة،‭ ‬إذ‭ ‬تفاعلت‭ ‬مع‭ ‬التأثيرات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬حُمِلَ‭ ‬إليها‭ ‬الأفارقة‭ (‬الزنوجية‭). ‬إنّ‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬‮«‬ظّلَّ‭ ‬حقلاً‭ ‬مهمشًا‭ ‬وغائبًا‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬النقدي‭ ‬الغربي‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة؛‭ ‬ولذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالسواد‭ ‬أو‭ ‬الشخصية‭ ‬السوداء‭ ‬أو‭ ‬العرق‭ ‬في‭ ‬الرواية‭ ‬الأمريكيّة‭ ‬يمثل‭ ‬إعادة‭ ‬اكتشاف‭ ‬للأدب‭ ‬الأمريكيّ‭ ‬وإعادة‭ ‬تأويله‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬جديد‭ ‬هو‭ ‬سياق‭ ‬القارئ‭ ‬غير‭ ‬الأوروبيّ‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الأبيض‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬ذاته‭ ‬وعن‭ ‬صورته‭ ‬في‭ ‬الخيال‭ ‬الروائيّ‭ ‬الأوروبيّ‭ ‬أو‭ ‬الأمريكيّ‭.‬ لقد‭ ‬بيَّن‭ ‬الناقد‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الكولونياليّ‭ ‬الإيرلنديّ‭ ‬غاريث‭ ‬غريفش‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬المنفى‭ ‬المزدوج،‭ ‬الكتابة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬والهند‭ ‬الغربية‭ ‬بين‭ ‬ثقافتين‮»‬‭ ‬كثافة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأدبيّ‭ ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬مبدعون‭ ‬أفارقة‭ ‬باللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬‮«‬لغة‭ ‬المنفى‮»‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بنتاجهم‭ ‬المكتوب‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وربّما‭ ‬يعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسيّ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أوجهه‭ ‬الاستعمار‭ ‬الثقافيّ‭ ‬‮«‬الفرانكفوني‮»‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بالاستعمار‭ ‬البريطانيّ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬استعمارًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬وإداريًا‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭. ‬يقاوم‭ ‬بعض‭ ‬النقاد‭ ‬الغربيين‭ ‬استخدام‭ ‬النظريات‭ ‬الأدبية‭ ‬الغربية‭ ‬لتحليل‭ ‬الأدب‭ ‬الإفريقي‭ ‬الأمريكي؛‭ ‬فمن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬هنري‭ ‬لويس‭ ‬جيتس‭ ‬جونيور‭ ‬عالم‭ ‬الأدب‭ ‬بجامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬أنه‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬للتقليد‭ ‬الأسود‭ ‬بالتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وعن‭ ‬طبيعته‭ ‬ووظائفه‭ ‬المختلفة،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬قراءته‭ ‬أو‭ ‬تحليله‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬النظريات‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬اقترضت‭ ‬مرجعياتها‭ ‬من‭ ‬تقاليد‭ ‬معرفية‭ ‬وثقافية‭ ‬أخرى‭.‬ ‭ ‬تنتج‭ ‬الكتابة‭ ‬السوداء‭ ‬بلاغة‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬المجاز،‭ ‬والتشبيه،‭ ‬والكناية،‭ ‬والسخرية،‭ ‬والدلالة،‭ ‬والشفاهية،‭ ‬والتكرار‭ ‬المتعمد‭. ‬وتوفر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬الثقافية‭ ‬عمقًا‭ ‬لمتخذي‭ ‬القرارات‭ ‬السياسيّة‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجيّ‭ ‬بسبب‭ ‬كون‭ ‬دراسات‭ ‬‮«‬الزنوجة‮»‬‭ ‬و«الدراسات‭ ‬الآفرو‭ _ ‬أمريكيّة‮»‬‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬دراسات‭ ‬ملهمة‭ ‬ومؤثِّرة‭ ‬إبداعيًا‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدول‭ ‬العربيّة‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬بعض‭ ‬مبدعيها‭ ‬يستلهمون‭ ‬أدبيات‭ ‬الزنوجة‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬الإبداعيّة‭.‬ {‭ ‬أستاذة‭ ‬السَّرديات‭ ‬والنقد‭ ‬الأدبيّ‭ ‬الحديث ‭ ‬المشارك،‭ ‬كلية‭ ‬الآداب،‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين

مشاركة :