سلمان الحزم.. نصير الفقراء - نجوى هاشم

  • 12/27/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

استيقظت جازان صباح الخميس على كارثة حريق مستشفى جازان العام.. منذ الساعة الثانية فجر الخميس والمدينة تستحضر الألم وتعيش سكرات الموت.. وشبابها ومواطنوها يفزعون بالسلالم وتسلق النوافذ وجدران المستشفى الذي أغلقت بعض أبوابه بالسلاسل.. خوفاً من تسلل أهالي المرضى البسطاء لمرضاهم وزيارتهم.. هل سمعتم بمستشفى تغلق أبوابه بالسلاسل؟ وقف المواطنوان حتى تنفس النهار يصرخون ويناجون ويحاولون إنقاذ مايمكن إنقاذه.. مع الدفاع المدني الذي كما قيل انه عابه غياب خطة الإنقاذ رغم أنه لا يبعد عن المستشفى سوىم.. ولكن كانت النار قد أتت على كل شيء.. ذلك الشاب الذي يدور في غرف العناية المركزة ويبحث من هناك.. فيه أحد هنا.. ولا يجيبه سوى الصدى.. وسطوة الموت وهوله.. ووجه الحريق القبيح.. ليقول انّ من كانوا هنا قد غادروا إما أمواتاً أو محترقين..!!! هذا الحريق المأساوي الذي ذهب ضحيته شخصاً يعتبر الأول سعودياً.. والمتكرر في أخطاء وزارة الصحة الكارثية والتي بالرغم من تعاقب الوزراء عليها إلا أنها صحة المواطن وهي الهدف الأول للوزارة ظل آخر اهتماماتها.. في كل الكوارث التي تتم في المستشفيات.. وهذه المرة "المواطن" الفقير والبسيط هو آخر اهتمامها.. دخل المستشفى باحثاً عن العلاج والشفاء.. وخرج منها مترمداً إلى قبره.. لم يخبروه عندما دخل أنّ المستشفى تُغلق أبوابها بالسلاسل حتى لا يزوره قريبه.. ولم يخبروه بأن المستشفى الذي افتتح منذ سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. ليس به وسائل سلامة.. ولا مخارج تسمح للصحيح وليس المريض أن يهرب إذا شب حريق..!! لم يخبروا المواطن البسيط بأن هذا المستشفى كان ينبغي أن لا يُشغّل ولا يستقبل مرضاه والملاحظات ال التي سجلها الدفاع المدني تمنع تشغيله حيث خطورة الكهرباء وسوء التوصيلات.. ووجود كيابل في فتحات التصريف مغمورة بالمياه تنذر بحدوث مالا تحمد عقباه..! ولم يطلعوه وهو يلجأ إليهم للبحث عن العافية بأن هذا البرج الطبي لا يوجد به خراطيش للمياه وأجهزة تلقائية للإنذار بالحريق.. وأن طفايات الحريق انتهت صلاحيتها دون أن تُجدد.. ولعل الكارثة الأكبر هي تحويل مخارج الطوارئ إلى مستودعات للأدوات الطبية التالفة وإغلاقها بالسلاسل من قبل حراس أمن المستشفى..!! وزارة الصحة في بيان بارد تقول إنه لا يوجد وفيات والحمد لله في حضانة الأطفال.. وأن المسؤولية يقع جزء منها على المواطنين الذين أعاقوا عمليات الإنقاذ.. متوفىً ولا يوجد وفيات.. والمواطن الذي يبكي ويصرخ من أمام المستشفى وهو يحاول الإنقاذ.. والمواطن الذي دخل لينقذ أمه العاجزة والمنومة في العناية في الظلام هو من أعاق الإنقاذ؟ والآن وحريق جازان يتصدر نشرات الأخبار العالمية كثالث حريق في التاريخ في مجمع طبي ماهي العقوبات التي تنتظر المهملين والمستهترين بأرواح البشر.. وبأرواح البسطاء من المواطنيين..؟؟ جازان هذه المدينة الصامدة في وجه العدوان الحوثي الغاشم بكل بسالة تستحق أن تأخذ حقها ممن اغتالوها بالإهمال والاستهتار والفساد.. هذه أرواح ذهبت.. ونحن نقاتل وفي حالة حرب تظللنا عاصفة الحزم.. وفي زمن "سلمان الحزم" الذي لا يرتضي الموت المجاني للفقراء والبسطاء.. ووالله ان الجيازنة المقتدرين والمتوسطي الدخل لا يتعالجون في مستشفيات جازان بل يذهبون إلى جدة والرياض بحثاً عن العلاج.. وقد يتدينون من أجل خدمة علاجية أفضل.. ولكن غير القادرين هم من يدخلون هذه المستشفيات الوهمية التي لا يساوي الإنسان فيها شيئاً.. ولا تعرف أنها يجب أن تحترم قيمة الإنسان قبل أن تعالجه..! إنني كمواطنة أولاً أطالب بحق هؤلاء الفقراء والبسطاء الذين ماتوا أو آصيبوا.. من الفاسدين الذين يعتقدون بعد الحريق أنهم آمنون من العقوبة.. وأن يغادروا بلا عقاب.. هؤلاء هم وجهان لعملة واحدة الشر والفساد..!! عاقبوا من بنى المستشفى ومن شغّلها وهي تفتقد لوسائل السلامة.. ومن تعاقب على إدارتها وهو يعرف أنها ستشتعل يوماً ما.. سائلوا المهندسين الذين رفعوا تقارير على مدى سنوات يحذرون من مخاطر محتملة لم يلتفت إليها المسؤول المباشر.. عاقبوا هؤلاء المسؤولين الذين لا تهمهم أرواح البشر.. عاقبوا وزارة الصحة.. عاقبوا من أغلق الأبواب بالسلاسل.. وزاد من عدد الوفيات.. عاقبوا مسؤولي الأمن في المستشفى الذين أبسط أعمالهم تفقد طفايات الحريق وصلاحيتها.. وأخيراً عاقبوا هذا الآلية المميتة التي تتعامل مع الحوادث ببطء وعدم تفاعل..!! يكفي جازان صمودها ونومها كل ليلة وهي مفتوحة العينين تحرس الحد الجنوبي للوطن كما تعودت.. وكما ورثت.. والوريث لا يلتمس هدنة.. ولكنه يواصل ماتعود عليه من العطاء.. وإنما يبحث عنه عندما يهاجمه المستهترون من الداخل ويغتالون أمنه أن يحاسبوا ويعاقبوا بأثر رجعي.. وعلينا ألا نطوي صفحة المسؤول الذي ارتكب الكوارث وغادر.. بعد كارثة جازان علينا أن نحضرهم ونحاسبهم ويأخذ الوطن حقه منهم.. من أعلى مسؤول إلى أصغر مسؤول.. ففي داخل الوطن وتحت خيمته يتساوى الجميع.. وقد يتفوق الفقير الشريف..!!

مشاركة :