الاخوان المسلمون والميليشيات الجهوية يسيطرون على مقاليد الامور في ليبيا منذ ثمان سنوات، يساندهم في ذلك مجرمون اقليميون ودوليون، هدفهم جميعا نهب خيرات الوطن وإذلال شعبه وإتباع سياسة فرق تسد، بإحداث الفتن بين مكونات الشعب وإثارة النعرات القبلية. ولأجل تحقيق ذلك فإنهم مستعدون لفعل اي شيء وان كان قذرا لا يصدقه العقل، او تنبذه الاعراف والمواثيق الدولية ونواميس الطبيعة. عندما شعروا بزوال ملكهم في شرق الوطن لم يتفانوا في ارسال جرافات الموت لقتل اكبر عدد من الناس، لإطالة امد الازمة ونهب كل ما تصل اليه ايديهم وأعينهم وهمسات شياطين الانس والجن. قاموا بتسييس الدين الحنيف ليتوافق وطموحاتهم القذرة عبر بعض المشايخ والأعيان واناس كنا نعتبرهم رجال دين، وهم في الحقيقة يفتقدون الى ابسط قيم الرجولة والشهامة. ان شعروا بالخطر فإنهم يستخدمون التقية ليظلوا احياء، يداهنون ينافقون ويبرمون العهود والمواثيق وان سنحت لهم الفرصة فإنهم يصبحون في حل مما كتبته ايديهم وشهدت به ابصارهم ويفعلون ما يشاءون. الممسكون بزمام الامور في غريان يتحلون بتلك الصفات. هادنوا الجيش وأعطوه الامان، دخلها دون اراقة قطرة دم، ولم تطلق رصاصة واحدة. بادلهم الجيش بان منحهم الامان، لم يدخل البيوت تقديسا لها، من لزم بيته فهو امن، ولم يقم بسحب السلاح اعتقادا منه بان المرحلة الراهنة تستوجب الثقة بين افراد المجتمع، لينهض الجميع وتمر الازمة، ويُبنى الوطن. اوكل مهمة الامن في المدينة الى افرادها بينما الجيش على الاطراف لئلا يعكر الاجواء وتظل حياة البشر تسير بشكل طبيعي. خلال المدة الماضية والتي كانت كفيلة لجعل الجيش يطمئن الى مضيفيه وعلى حين غفلة نكثوا العهود والمواثيق فقاموا بالتعاون مع محازبيهم من خارج المدينة بالانقضاض على مقرات الجيش فقاموا بقتلهم والتنكيل بالجرحى بمشفى المدينة الذين اعتقدوا انهم في امان بين أهلهم وإخوانهم. الوثوق في الاخوان ومن هم على شاكلتهم ضرب من الخيال، فكانت المجزرة والمناظر التي تقشعر منها الابدان وتأباها النفوس البشرية، ولتسجل الحادثة بمداد من دماء من تم الغدر بهم من كافة ارجاء الوطن. الثقة المفرطة من قبل الجيش لم يكن لها مبرر. ليس كل من دخل بيت أبو سفيان او لزم بيته يستحق الأمان الاعمى. هناك بعض العناصر الموغلة في الاجرام كانت تستوجب المراقبة. كان يجب ان تكون هناك خطوط تأمينية دفاعية عن المدينة، خاصة وأنها كانت ولا تزال تمثل احدى مرتكزات النظام القائم حاليا في البلاد المبني على السلب والنهب وإهدار المال العام وشراء الذمم ومصادرة اراء الاخرين بل تجريمهم. سقوط غريان لن يكون نهاية المطاف، فالحروب سجال، وحماية المدنيين وان كانت مكلفة للجيش إلا ان التعامل مع المجرمين وناكثي العهود والمواثيق يجب ان يكون في مستوى ما اقترفه هؤلاء من جرائم. فهؤلاء لا يؤمن جانبهم وعلى المرء ألا يلدغ من الجحر مرتين. ولن تقوم الدولة المدنية ومؤسساتها إلا بزوال هؤلاء من المشهد السياسي، ليتولّى القضاء البت فيما اقترفوه من اعمال إجرامية في حق الوطن والمواطن. تحية الى منتسبي الجيش والقوى الأمنية الساعين الى بناء دولة مستقرة امنة. الدماء الطاهرة ستروي دوحة الحرية في ليبيا، وليذهب الاخوان الى دوحة قطر. المجد والخلود للشهداء والخزي والعار لمن يبيع الوطن بابخس الاثمان، ولأسر الشهداء خالص العزاء. ستنهض ليبيا بأبنائها الميامين.
مشاركة :