فلاش باك.. 2008.. رحيل محمود درويش

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في الثالث عشر من مارس ١٩٤١ رُزقت فلسطين بأحد أهم شعرائها، الذين مثلوا رأس الحربة للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، هو الشاعر محمود درويش، الذى وُلد فى قرية «البِروة» لكنه هُجر منها بعد قياد الكيان الصهيوني عقب حرب ١٩٤٨.وقد روى «درويش» اللحظات الصعبة التى عاشها خلال حرب ١٩٤٨ لصحيفة «زوهديرخ» العبرية قائلًا «أذكر أننى عندما كان عمرى ست سنوات، كنت أقيم فى قرية جميلة وهادئة، هى قرية «البِروة» الواقعة على هضبة خضراء ينبسط أمامها سهل عكا، وكنت ابنا لأسرة متوسطة الحال عاشت على الزراعة، عندما بلغت السابعة توقفت ألعاب الطفولة، وأنى أذكر كيف حدث ذلك، أذكر ذلك تماما: فى إحدى ليالى الصيف التى اعتاد فيها القرويون أن يناموا على سطوح المنازل، أيقظتنى أمى من نومى فجأة، فوجدت نفسى مع مئات من سكان القرية أعدو فى غابة، كان الرصاص يتطاير فوق رءوسنا ولم أفهم شيئا مما يجري، بعد ليلة من التشرد والهروب وصلت مع أحد أقاربى الضائعين فى كل الجهات إلى قرية غريبة ذات أطفال آخرين، تساءلت بسذاجة أين أنا؟ وسمعت للمرة الأولى كلمة: لبنان».ويواصل درويش فى سرد وقائع ليلة تهجيره من وطنه خلال الحوار الذى أجرى فى عام ١٩٦٩ «يخيل إلى أن تلك الليلة وضعت حدا لطفولتى بمنتهى العنف، فالطفولة الخالية من المتاعب انتهت، وأحسست فجأة أننى أنتمى إلى الكبار، توقفت مطالبى وفرضت على المتاعب، منذ تلك الأيام التى عشت فيها فى لبنان لم أنس ولن أنسى إلى الأبد تعرفى على كلمة الوطن، فلأول مرة وبدون استعداد سابق كنت أقف فى طابور طويل، لأحصل على الغذاء الذى توزعه وكالة الغوث، كانت الوجبة الرئيسية هى الجبنة الصفراء، وهنا استمتعت لأول مرة لكلمات جديدة فتحت أمامى نافذة أمام عالم جديد: الوطن، الحرب، الأخبار، اللاجئون، الجيش، الحدود، وبواسطة هذه الكلمات بدأت أدرس وأفهم وأتعرف على عالم جديد على وضع جديد، حرمنى طفولتي».كانت الفترة التالية للنكبة العربية هى مرحلة من اليأس والإحباط الذي تملك نفوس العرب وانعكس دوما على الشعراء وقصائدهم، فيما جاء محمود درويش بلون جديد وانطباع مختلف ليبدل اليأس بالمقاومة والاحباط بالأمل، فى قصائد مفعمة بالثورية والتفاؤل، ومنذ أن خطت يداه الشعر حلق في سماء الحُلم مبتعدا عن قاع اليأس والهزيمة الساحقة.ويبرهن درويش على تفاؤله فى إحدى القصائد قائلًا: «خسرت حلما جميلا.. خسرت لسع الزنابق.. وكان ليلى طويلا.. على سياج الحدائق.. وما خسرت السبيلا».بعد إكماله التعليم الثانوي، انضم للحزب الشيوعى الإسرائيلي، وعمل محررا بمجلة الاتحاد حتى ترقى ورأس تحريرها، ووقع فى براثن الاعتقال عدة مرات «١٩٦١، ١٩٦٥، ١٩٦٧، ١٩٦٩» ووضع قيد الإقامة الجيرية فى ١٩٧٠.استقر به الحال فى بداية عقد السبعينيات في القاهرة، وعينه الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، بجريدة الأهرام، لتنشأ علاقة وطيدة بينه وبين الأدباء يوسف إدريس وتوفيق الحكيم وغيرهم.وفى الثمانينيات انتقل للعيش فى باريس، وانضم لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنه استقال اعتراضا على توقيع اتفاقية «أوسلو» وعاد بعد ذلك إلى رام الله.وللشاعر الفلسطينى محمود درويش بعض من الأعمال البارزة منها «أنا الموقع أدناه، خطب الدكتاتور الموزونة، لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي، أحد عشر كوكبا أرى ما أريد».ورحل محمود درويش عن حياتنا، فى مثل هذا اليوم التاسع من أغسطس عام ٢٠٠٨ عن عمر ناهز السابعة والستين، بعد إجرائه عملية قلب مفتوح، فى مركز تكساس الطبى بالولايات المتحدة الأمريكية.

مشاركة :