بإجراء تحليل للشركات التي يعمل فيها 100 موظف أو أكثر، وجدت أن 21 في المائة فقط من التفاوت بين الجنسين على مستوى العاملين النظاميين في وظائف الإدارة الوسطى "رؤساء الأقسام" وما فوقها يمكن تفسيره بالفروق بين الجنسين في التعليم والخبرة العملية. أما باقي التباين فقد نشأ من الفروق بين الجنسين في معدل الترقي إلى مناصب الإدارة العليا بين الموظفين ذوي مستويات التعليم والخبرة المتماثلة. ولم تكن محدودية مدة التوظيف للنساء عاملا رئيسا. كما أظهر تحليلي أن كون المرء ذكرا زاد من احتمالية أن يصبح مديرا بأكثر من عشرة أضعاف، في حين أن كونه خريجا جامعيا زاد من هذه الاحتمالية بمقدار 1.65 ضعف. "حيدت الدراسة تأثير المحددات الأخرى لشغل منصب مدير". وننظر للمجتمعات التي تتحدد فيها الفرص والمكافآت الاجتماعية أساسا عن طريق المنجزات الفردية بعدّها "حديثة"، وللمجتمعات التي تتحدد فيها تلك الفرص والمكافآت عن طريق مكانة ينتسب إليها الشخص بأنها تنتمي إلى عصر "ما قبل الحداثة". وعلى الرغم من أن عصر "ما بعد الحداثة" يخضع للمناقشة في اليابان، فإن المجتمع الياباني المعاصر يحافظ على خصائص لا يمكن عدّها حتى "حديثة". فالنوع الاجتماعي عند الولادة هو الذي يحدد ما إذا كان الشخص سيصبح مديرا في اليابان، وليس المنجزات الفردية كالحصول على شهادة جامعية. والمسارات الوظيفية القائمة على الفصل بين الجنسين هي المسؤولة إلى حد كبير عن عدم المساواة بين الجنسين في البلد فيما يتعلق بمعدل الترقي إلى مناصب الإدارة العليا. ففي اليابان، هناك مسار مهني إداري sogo shoku ومسار مكتبي يقود إلى طريق مسدود ippan shoku. ويرتبط نظام المسار هذا ارتباطا وثيقا بنوع الجنس. فكثير من النساء لا يسعين إلى تقلد وظائف sogo shoku على الرغم من أنها تتيح فرصا أكبر للتطوير الوظيفي لأنها تتطلب ساعات عمل إضافية منتظمة. وفي الواقع، بالنسبة للمرأة ثمة ارتباط رئيس لأن تصبح مديرة بوجود ساعات عمل طويلة، ما يشير إلى أن النساء اللاتي لا يعملن لساعات طويلة من العمل الإضافي محرومات من فرص أن يصبحن مديرات. ومع ذلك، فإن ساعات العمل الممتدة للمرأة لا تتوافق مع أدوار أفراد الأسرة اليابانية بعد الزواج نتيجة الإصرار على ذلك التقسيم التقليدي للعمل حيث تتحمل المرأة عبء رعاية الطفل والمهام الأسرية. ونتيجة لذلك، فإن إصرار الشركات اليابانية على ساعات عمل طويلة يعد مصدرا أصيلا لعدم المساواة بين الجنسين، خاصة فيما يتعلق ببلوغ مناصب الإدارة العليا. ومن الأسباب الرئيسة الأخرى للفجوة في الأجور بين الجنسين ارتفاع درجة الفصل بين الجنسين في المهن. ففي بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، تمثل المرأة في الأغلب تمثيلا زائدا في مهن الخدمات الإنسانية كالتعليم والرعاية الصحية والعمل الاجتماعي. وفي اليابان، توجد خاصيتان إضافيتان. أولا، في أوساط مهن الخدمات الإنسانية، فإن المرأة ممثلة تمثيلا ناقصا في المهن ذات المكانة الرفيعة، على سبيل المثال، نسبة النساء بين الأطباء ومعلمي الجامعات في اليابان هي الأدنى بين بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. ثانيا، تعاني المرأة نقصا شديدا في التمثيل في المهن غير المرتبطة بالخدمات الإنسانية كالبحوث والهندسة والقانون والمحاسبة. ويلقي بحثي الأخير نظرة فاحصة على الفجوة بين الجنسين في الأجور بين المهنيين، مع التركيز على سوقي العمل في اليابان والولايات المتحدة. واستنادا إلى مسح قومي أجري في اليابان عام 2005 وإلى التعداد السكاني في الولايات المتحدة لعام 2010، نظرت إلى نسب النوع الاجتماعي في فئتي المهن محل الوصف أعلاه: مهن الخدمات الإنسانية باستثناء المهن ذات المكانة الرفيعة، مثل الأطباء وأساتذة الجامعات، التي اخترت تسميتها "بالمهن من النوع الثاني"، وغيرها من المهن بما في ذلك مهن الخدمات الإنسانية رفيعة المكانة وجميع المهن غير المتعلقة بالخدمات الإنسانية، التي اخترت تسميتها "بالمهن من النوع الأول". وأظهر البحث أن اليابان تكون فيها نسبة النساء في الفئة الأخيرة منخفضة بشكل ملحوظ، ففي الولايات المتحدة، يعمل 12.7 في المائة من الموظفات في مهن من النوع الأول مقارنة بأقل من 2 في المائة من الموظفات اليابانيات. ومن الواضح أن وظائف المرأة في اليابان تتركز في المهن من النوع الثاني.
مشاركة :