تهكر حسابي - د. هتون أجواد الفاسي

  • 10/21/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أعاني هذه الأيام من سرقة حسابي في تويتر من قبل شخص يطلق على نفسه "محشش هكر وصل" ومن الواضح أنه شاب غر لا يعني اختياراته في ادعائه أنه لا يتعاطى الحشيش ولكنه استحسن الاسم؟ تساؤلات كثيرة حول كيف يستحسن شبابنا مسميات من هذا القبيل لو لم تُحسن لهم في وسائل مختلفة ووسط اجتماعي ربما شبابي يتساهل مع هذه المسميات ولا يعطيها دلالتها الحقيقية. وعودة إلى موضوع السرقة، فقد أعلن هذا المخترق أنه قام بذلك لاختلافه معي حول موقفي من حق المرأة في قيادة السيارة والذي أعبر عنه بصراحة في كل مكان. لا شك أن المراقب سوف يرى أن هناك مشكلة كبيرة لدينا في التعبير من جانب وفي المنطق المتبع هنا وفي التعاطي مع الاختلاف وكذلك مع الحقوق التي لا يُستفتى عليها. وعلى الرغم من كل جهود مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلا أن المشكلة ما زالت مستعصية وبحاجة للمزيد من الجهد والعمل على جميع المستويات. فهذا الشخص ومثله مثل قطاع المهكرين والمخترقين ومساندينهم يجدون أن الطريقة المثلى للتعبير عن رأيهم برفض قيادة المرأة السيارة هي في سرقة حقي في التعبير وإسكاتي بالقوة غير الشرعية. لحسن الحظ أن هناك محكمة للجرائم الإلكترونية وهناك إدارة تويتر التي تعالج هذه التعديات، فقد أصدرت الدولة نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية عام 1428 الذي حولته وزارة الداخلية إلى استمارة لتعبئة البلاغ ومن ثم يأخذ القضاء دورته، إلا أن هناك عقبة عدم إمكانية استكمال التبليغ الإلكتروني إن لم تكن أو تكوني مسجلة في خدمات وزارة الداخلية والتي تتطلب بعد التعبئة الإلكترونية أن تحضري بنفسك إلى أحد مواقع الجوازات لمطابقة الهوية وتفعيل الخدمة. ونظراً لأننا وقت إجازة وخارج المملكة فإن هذه الآلية سوف تؤجل حتى عودتي إلى الرياض، لكن الجميل في الأمر أن هناك تفاصيل في القانون تنفذ عقوباته بشكل سريع على المتعدين الإلكترونيين: وقد فرض النظام "عقوبة بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال أو بإحداهما على كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المنصوص عليها في النظام". وما يستوجب العقوبة التالي: "الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني أو الدخول إلى موقع إلكتروني لتغيير تصاميمه أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه أو المساس بالحياة الخاصة، عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها بقصد التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة". وفي ظل انتظار استكمال هذه الخطوة أعود إلى حالة التشنج التي يمارسها المعبرون عن أنفسهم/ ن في فضاء التواصل الاجتماعي الذي كتبت عنه كثيرا، لكن يبدو أن من الضروري التذكير المستمر بأننا حديثو نعمة بهذه المساحة من التعبير المتاحة والتي لا نعرف كيف نتعامل معها وأسهل شيء هو التخفي وراء أسماء وهمية، نقوم بالهجمة وراء الهجمة من فوق أو تحت الحزام، لا يهم، طالما لا أحد سيعرف من هو/هي مشبعين أمراضاً نفسية ليست مستعصية على الحل، لأن العقوبة الدنيوية تنتظرهم من خلال القوانين التي قد لا تكون لهم ثقة بها، أو لم يعتادوها، والعقوبة الأخروية، والتي يؤجلها الكثيرون ويعتقدونها بعيدة عنهم طالما أن الناس يرونهم يصلون ويتغطون ويتسمون ب "السمت الشرعي" المفيد للتمويه. كان مثيراً للتوقف ردود فعل المتابعات والمتابعين على تويتر في مواجهتهم لهذا السارق، حيث كان هناك الكثيرون/ ات من يحذره ويوبخه ويدعوه للتراجع، وهم الأغلبية ولله الحمد في ظل 21 ألف متابع/ ة ممن أتوسم فيهم/ ن النصرة والأمانة، وهناك من كان يشجعه على ما فعل وكلهم ممن أساءوا الأدب وأغلقت الباب دونهم عن إزعاجي عن طريق "البلوك"، فعادوا يتسارعون يطلبون منه فتح البلوك ليستكملوا نفث سمومهم. والغريب أن منهم من يرفع راية الإسلام التي ينافح عنها وكأننا خارج الملة، أو كأنه الملتزم بها وحده وهو من لم يسلم مسلم أو مسلمة من لسانه بل ويدعو للتعدي باليد أيضاً. التجربة الجديدة لحرية التعبير عن النفس وضعت المجتمع السعودي على المحك ما بين التزاماته الأخلاقية والدينية ودعواته المثالية وما بين تطبيقه لهذا الالتزام على الأرض في ظل المعاناة من أمراض العنصرية والفوقية والبذاءة المقنعة وراء حسابات وهمية لتؤدي غرضها ثم تخرج اعتقادا منها أنه جهاد. وبانتظار أن يبلغ هؤلاء الأشخاص الرشد ويتقوا الله حق تقاته ويقدموا الحجة أمام الحجة سلمياً وبكل احترام وأدب أقول: كل عام وأنتم بخير.

مشاركة :