فالنتاين وعبثية ملاحقة القلوب - د. هتون أجواد الفاسي

  • 2/16/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ووصل فالنتاين من يومين ومضى، يوم الحب، عيد الحب، ترجموه كما شئتم، لكنه لدينا في السعودية، هو يوم الاستنفار الوطني للدفاع عن العقيدة والأخلاق العامة والخاصة وملاحقة الشباب والشابات وأصحاب المحال المتهمين بالمتاجرة بالحب ورموزه كالدببة المحشوة المزينة بالقلوب الحمراء أوالورود الحمراء أو أغلفة الهدايا الحمراء أو ما ابتكرته الذائقة والإبداع الاستهلاكي الصيني الأحمر، بالمرابطة بجانب محلاتهم والتربص بأي شاب أو فتاة يبدر منه نية اقتراف ذنب تبادل الهدايا أو شرائها، منقبين في سرائرهم، مفتشين السيارات وأي علامات تبدو على عبايات الفتيات أو ثياب الرجال أو هندامهم أو داخل قلوبهم ليتم توقيفهم "ومناصحتهم" فإن انتهوا عن المخالفة الصريحة لشيء ما في مخيلة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا، فيقادون إلى الشرطة لفتح تحقيق معهم. يطلق المتحدث الرسمي لفرع الهيئة بمنطقة الرياض الدكتور تركي الشليل على ما سبق بأنه ليس استنفاراً وإنما هو "عادة سنوية" (الرياض 13/2/2014). والحجة لديهم أن شبابنا وشيباننا يتشبهون بالغرب وبالنصارى في تبادل الهدايا المعبرة عن الحب في هذا اليوم الرابع عشر من فبراير. ونقول، ألم تكتف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الانشغال بهذه الأمور كل هذه الأعوام التي بلغت العشرين على ما أذكر منذ أن اكتشفوا أن هناك من يحب ويتبادل الهدايا والزهور في يوم ما، وهم لا يكفون ولا يكتفون ويعتقدون أنهم ينصرون الحق على الأرض بهذا التربص بأسمى المشاعر الإنسانية وهي الحب؟ كيف يمكن لورود حمراء أو دب محشو أن يهز من عقيدتنا الراسخة وتربيتنا المتشربة ديناً في كل منحى يومي وتعليمي واجتماعي .. إلخ؟ إذا كان رجال الحسبة يرون في سير بعض أفراد المجتمع على خطى عنترة عبلة، وجميل بثينة، وكثيّر عزة وقيس ليلى تشبهاً بالغرب، فقد يئسوا من الحجج. وإذا اعتقدوا أن تعبير الناس عن مشاعر الحب التي تعلمها العالم القديم من العرب، تمهيداً لارتداد المسلمين إلى النصرانية، فابشروا بنهاية العالم. أما إن كانوا يسعون بالفعل إلى تنقية المجتمع من كل مظهر للتشبه بالغرب فليتوقفوا عن ركوب سياراتهم واستخدام جوالاتهم واعتصام ساعاتهم وانتعال أحذيتهم وارتداء أشمغتهم الإنجليزية القطنية الفاخرة. هذا على سبيل المثال لا الحصر بالطبع. إنني لأتوسم في الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يوجه رجاله إلى ما هو أجدى وأكثر فائدة للمسلمين والمسلمات من هذا الأمر، فليوجههم إلى مساعدة الناس، إلى رفع الأذى عن الطريق، إلى مساعدة المسنين والمسنات في أحيائهم، يتلمسون احتياجاتهم إن لم يكن لهم معين، ليكونوا عوناً للبلدية مثلاً وهذا أخص أدوار الحسبة ولكل محتاج ومحتاجة، ليفتشوا على من يترك القيام بعمله للانشغال بشأن آخر، أو عمن يتأخر على معاملات الناس بأي حجة أثناء الدوام. القيم التي نحتاج إلى تعزيزها لا حصر لها ومجال واسع للعمل المفيد. أما مشاعر الناس وخياراتهم وكيف يحبون ومتى يتهادون فهذه لا يمكن أن تكون بحال من الأحوال مهمة دينية إسلامية..

مشاركة :