يوم الأم، يوم الحياة، يوم الانبعاث، يوم تجدد الربيع والحقول، يوم تزهر الأغصان، يوم تبحث المخلوقات عن رفيقها، وتصحو أخرى من بياتها الشتوي. يوم حفظته لنا ألواح سومر وأكد، وبرديات مصر وقفط، وترنيمات عشتار وإيزيس. يوم الطبيعة التي لا تنتظر ولا تستأذن لتدور دورتها مستجيبة لسنة الله في كونه، يوم تجديد الأمل وتجديد العهد لأمهاتنا اللاتي حملن ووضعن وأرضعن وسهرن ورعين وربين وقلقن وعملن ونصحن وكبّرن ودفعن ودافعن وحمين وبكين وسعدن ووهنّ وهن ينتظرن فلذات أكبادهن يقفون ويقفن على الأقدام رجالاً ونساءً أقوياء وأوفياء. في هذا اليوم نذكر أن هناك من الأمهات من يقبعن في دور مسنات متروكات لمن يتذكرهن في المواسم في انتظار الوفاء. في هذا اليوم نذكر أمهات قضت أقدارهن بأن يكن ضحايا حوادث سيارات تركتهن واهنات مشلولات أو كفيفات أو مقعدات ومتروكات كذلك في دور رعاية صحية خيرية بالأشهر والسنوات في انتظار الأبناء أو الزوج. في هذا اليوم نذكر أمهات التحقن ببارئهن في خير صحبة ورحمة، ولكنه الفقد والشوق الذي لا يفتأ يزاحم الأعياد. المشهد المؤثر على اليوتيوب "وإن كانوا موتى"، سكتش قصير من مجموعة Oseven بطولة أحمد عادل عمران كتابة فاطمة عبدالله منصور وإنتاج حسين الخنيزي وحسن عمران، لأحمد عمران وهو يزور قبر والدته أو والده ويقرأ عليه من آيات القرآن، يستحضر إلى الصورة من تحت التراب من لهم ولهن علينا حقاً، فما الذي يبقى لهن بعد ذلك إلا دعوة ابن أو ابنة صالحة وصدقة جارية ؟ تستحضرني هنا القصة المعبرة التي انتشرت منذ عدة سنوات مع هذه المناسبة حول الطفل الذي ذهب إلى قبر أمه يناجيها ويقول لها تعالي معي فإن معلمي يؤنبني/ يضربني كل يوم ويتهمك بإهمالي. في هذا اليوم نذكر أن هناك أطفالاً بلا أمهات، لا يكفي أن نحمد الله أن أمهاتنا بعافية، ولكن أن نذكر حاجتهم لمن يعوض هذا الإحساس بالفقد والحرمان. الوفاء من أعظم القيم التي لا نتمثلها إلا بانتقاء بينما جوهرها أن لا يكون لها حدود. مفاجآت أبنائي وزوجي احتفاء ووفاء بهذا اليوم لم تنته بعد ولله الحمد. وكل عام وأمي وكل أم وأسرة أسعد وأجمل.