بخطوات بطيئة أمشى مرتجفًا وكأننى أرتدى الماء لا الملابس من كثرة العرق، الناس يتجولون فى كلمكان من حولى فكل شىء كما هو، الصورة لم تتغير قط ولكن هذا الخوف الذى بداخلى يكاد يقتلنىبالبطىء وكل هذا منذ معرفتى بتلك القصة الغريبة عن الكهف الذى يسمى «ربع الخراب» بعد فترة منالمشى قررت أن أرتاح قليلًا، جلست على مقعد خشبى فى الشارع ولأول مرة أرى الصورة بطريقةأخرى ومن زاوية مختلفة على سبيل المثال عندما نظرت إلى تلك العجوز التى خانها الزمن ولم يتبقلها ونيس سوى خصلات شعرها البيضاء، جالسة فى هدوء تام تتأمل النهر لا لجماله بل لأنها ترى بهوجوه أبنائها الذين تركوها وحدها فى أيام شيخوختها أو عندما نظرت إلى هذا الرجل " عم شحاتة"الذى يبلغ من العمر ستين عامًا ويعمل فى ورشة لكى يستطيع تجهيز ابنته ذات الثامنة والعشرينربيعًا ولم تستطع الزواج إلى الآن بسبب وضعها المادى، أو إلى تلك الفتاة ذات الشعر الكستنائىوالعيون البنية الجميلة بل الساحرة والبريئة، إذا رأيتها لأول وهلة تظنها بائعة مناديل بريئة وفقيرةولكنها فى الأصل تتسلل إلى جيوبهم بخفة شديدة، ربما الصورة لم تتغير ولكن نظرتى إليها قد تغيرتنعم تغيرت كثيرًا وذلك عندما تمعنت فى النظر إليها هروبًا من خوفى الكبير تجاه الربع الخراب ولكنأتت عربة محملة بلوح زجاج وقفت أمامى مباشرة وعكست لى هذه الصورة مرة أخرى، لذا قررت أنأكمل ما بدأته وأنهى رحلتي، أمسكت الورقة التى تحتوى على مكان الكهف ولكنها طارت من يدىحاولت أن أمسكها ولكننى لم أستطع، وضعت يدى على جبينى ونظرت أرضًا متأسفًا فى منتصفالطريق، وفى تلك الأثناء سمعت صوت إناس يصرخون ووجدت نفسى ملقى على الأرض أنا ولوحالزجاج الذى أمسى ملطخ بالدماء وكشفت الصورة للكل، لذا قررت احتضان الظلام بعيناى وجعلتسيمفونية الصمت تتحول فى أذنى وتتسلل فى هدوء شديد لكى تسرق منى السمع والضوضاء وكأنهاأصبحت منافسة ليد بائعة المناديل ذات الشعر الكستنائى، ولم يتبق لى سوى إحدى رباعيات جاهينلكى تجمل لى الصمت وهو يقول:نوح راح لحاله والطوفان استمرمركبنا تايهه لسه مش لاقية برآه م الطوفان واهين يا بر الأمانإزاى تبان والدنيا غرقانة شروعجبى...!
مشاركة :