إطلالة على الهجرة النبوية (2)

  • 10/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فجهز عثمان رضي الله عنه ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وخمسين فرسا وأحضر إلى النبي عشرة آلاف دينار... وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله وعبدالرحمن بن عوف بمائة أوقية والعباس وطلحة بمال كثير، وتصدق عاصم بن عدي بسبعين وسقا من تمر وأرسلت النساء كل ما يقدرن عليه من حليهن. ومما يذكر بالخير كل الخير لأمير المؤمنين عثمان بن عفان بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أن واجهت المسلمين مشكلةُ قلة الماء الذي يشربون، وكانت هناك بئرٌ ليهوديٍّ تُدعى «بئر رومة» تفيض بالماء العذب وكان يبيع ماءها للمسلمين، وفيهم من لا يجد ثمن ذلك، فتمنَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يشتريها أحد من المسلمين ويجعلها في سبيل الله تفيض على الناس بغير ثمن؛ فقد روى عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ). فسارع عثمان رضي الله عنه لتلبية رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم طمعًا فيما عند الله من الثواب العظيم، وذهب إلى اليهودي وساومه على شرائها، فرفض في البداية، فساومه عثمان رضي الله عنه على النصف، فاشتراه منه بـ12 ألف درهم، فجعله للمسلمين على أن يكون البئر له يومًا ولليهودي يومًا، فكان المسلمون يستقون في يوم عثمان رضي الله عنه ما يكفيهم يومين، فلمَّا رأى اليهودي ذلك قال لعثمان: (أفسدت عليَّ ركيتي، فاشترِ النصف الآخر). فَقَبِل عثمان ذلك واشتراه بـ8 آلاف درهم، وجعل البئر كلَّها للمسلمين؛ للغني والفقير وابن السبيل، تفيض بمائها بغير ثمن. ومصعب بن عمير أول سفير في الإسلام الذي ترك الغنى والجاه وصبر على الجوع والبلاء والمحن والشدائد ليكون من أوائل المهاجرين إلى المدينة المنورة بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم لكي يعلم أهلها القرآن الكريم وأحكام الإسلام، وأسلم على يديه الكثير والكثير... وصهيب الرومي العربي الأصل الذي ضحى بماله وتركه للمشركين لكي يلحق بركب المهاجرين، لذلك أنزل الله فيه «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ» (البقرة: 207)، جاء في تفسير الجلالين: «وَمِنَ الناس مَن يَشْرِى» يبيع «نَفْسَهُ» أي يبذلها في طاعة الله «ابتغاء» طلب «مَرْضَاتِ الله» رضاه، وهو (صهيب) لما آذاه المشركون هاجر إلى المدينة وترك لهم ماله «والله رَءوفٌ بالعباد»، إذ أرشدهم لِمَا فيه رضاه.. وسلمان الفارسي الذي كان من السابقين إلى الإسلام ومن المهاجرين إلى المدينة المنورة.. وجندب بن ضمرة الذي تقدمت به السن ولكن عندما سمع قول الله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا» (النساء: 97) أصر على الهجرة، فحاول أولاده أن يمنعوه، ولكنه صمم على الهجرة، فقضى نحبه في الطريق إلى المدينة المنورة قبل أن يصل إليها، فقال بعض الصحابة رضوان الله عليهم ليته مات بالمدينة، فأنزل الله سبحانه وتعالى «وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» (النساء: 100).. كما هاجر أبو أحمد بن جحش الذي كان مكفوف البصر ولكنه صمم على الهجرة إلى المدينة المنورة ليكون إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مشاركة :