ما الأسباب التي أدت إلى الخلاف بين وزير النفط علي العمير ومجلس إدارة مؤسسة البترول والقيادات النفطية؟ العضو السابق في المجلس الأعلى للبترول موسى معرفي واحد من الذين شهدوا على تفاصيل كثيرة جرت في كواليس القطاع، خلال سنوات عمله التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، ثم من خلال عضويته في المجلس الأعلى للبترول. ومن معاصرته لعهود كثيرة بين الوزارة والمؤسسّة، يقول «مجلس إدارة مؤسسة البترول وقياداته اعتادوا على العمل بنظام التكنوقراط، ولم يسبق لهم التعامل مع وزير له أجندة انتخابية، وهذا ما يمثل نقطة الخلاف الكبرى بينهما، فلكل طرف منظوره الخاص في إدارة الشأن النفطي الحكومي ورأسمال الكويت وأهلها». يلخص معرفي في حديث لـ «الراي» أسباب الخلاف في القطاع النفطي بثماني قضايا أساسية، منها ما هو معروف ومنها ما هو بعيد عن التداول الإعلامي، بدأت عقب سحب صلاحية الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية ولم تنته بالموقف من «البديل الاسترتيجي»، هنا تفصيلها: 1 سحب صلاحيات مع مجلس الإدارة يقول معرفي انه بعدما انطفأت أزمة الإضراب النفطي في فبراير 2014، وجدها الوزير فرصة وقام بسحب بعض صلاحيات الرئيس التنفيذي للمؤسسة، وكانت تلك بداية الخلاف. واعتبر معرفي ان «مجلس إدارة مؤسسة البترول فضل التوازن وعدم الدخول في مواجهة مع الوزير، مكتفياً بالتحفظ على القرار ومحذراً من مغبته ومؤكداً أن القطاع النفطي يسير وفق أسس تجارية وصلاحيات تنفيذية محددة لكل مستوى إداري لكي تتسنى محاسبة أي طرف تجاه أي قصور، ولا شك في ان جمع الصلاحيات لدى طرف واحد يخالف تلك المبادئ». 2 التعدي على صلاحيات التنفيذيين في الترقيات والتدوير الأزمة الثانية، بحسب معرفي، ظهرت حين رفض مجلس إدارة مؤسسة البترول محاولة وزير النفط سحب صلاحيات الرؤساء التنفيذيين للشركات التابعة لترقية المسؤولين وتدويرهم في الشركات النفطية التابعة لمؤسسة البترول، من منطلق «بأن هناك مؤسسة لها نظم وقوانين وتُدار بشكل مؤسسي». وأوضح معرفي أن «معارضة مجلس ادارة المؤسسة لها أسبابها الفنية البحتة منها تنوع طبيعة وأعمال القطاع النفطي والتعدد الكبير والواسع في وظائف المسؤولين الموزعة على 10 شركات نفطية هو ما يجعله صعب التطبيق نظراً لأن الوزير لا يملك الخبرة الكافية أو الوقت اللازم للنظر في كل هذه الطلبات صغيرة وكبيرة». وأضاف معرفي ان «سحب سلطات المسؤولين بالقطاع النفطي وقيادييه يمثل خرقاً كبيراً لأنظمة العمل في الشركات وهو يخالف بشكل كبير مبدأ إدارة القطاع النفطي على أسس تجارية». 3 نقل مستشفى ومدينة الأحمدي إلى «مؤسسة البترول» وأشار معرفي إلى أن وزير النفط حاول الاستحواذ على العلاج بالخارج، غير أن مجلس الإدارة رفض مطلبه لمخالفته أسلوب إدارة المؤسسة كجهة قابضة تشرف على سير أعمال الشركات. ولفت معرفي إلى أن مؤسسة البترول خاضت تجربة غير ناجحة بنقل المستشفى إلى إحدى الشركات التابعة قبل عشر سنين ما دعا إلى إعادتها لشركة نفط الكويت صاحبة الخبرة الطويلة منذ تأسيس الشركة. 4 تعيين مسؤولي مصفاتي «الأحمدي» و«الشعيبة» وأشار معرفي إلى أن مصفاة الأحمدي كانت مثالاً صارخاً للخلاف في العمل المؤسسي قائلاً «بعدما أوصت اللجنة الفنية المشكلة لاختيار نائب للرئيس التنفيذي لمصفاة الاحمدي بشركة البترول الوطنية منذ نحو 11 شهراً أوقفها الوزير.. لماذا؟». وقال معرفي ان العمل في القطاع النفطي مؤسسي وليس فردياً، ولذلك قام مجلس إدارة المؤسسة بدعم موقف الرئيس التنفيذي بإجراء تدوير لسد الشاغر في مصفاة الأحمدي تجنبا لوجود فراغ فيه ينجم عنه تأثير سلبي على سير العمليات التشغيلية في أكبر المصافي الكويتية، ولكن الوضع مازال خطيراً لعدم شغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لمصفاة الشعيبة اعقد واخطر المصافي بالعالم. 5 أزمة البديل الاستراتيجي وأوضح معرفي انه على الرغم من إيمان مجلس إدارة المؤسسة والإدارة التنفيذية في المؤسسة بوجوب المساواة بين أفراد المجتمع وهو ما يمثل أحد أهداف مشروع البديل الاستراتيجي، إلا أنه أبدى بعض الملاحظات على مشروع البديل الاستراتيجي للحفاظ على الخبرات الفنية التي استثمر فيها القطاع والكويت ملايين الدنانير، بيد أن الوزير لم ينقل تحفظات القطاع النفطي لمجلس الوزراء إلا بعد تداولها في وسائل الاعلام. وقال معرفي: «لولا مساعي مجلس إدارة المؤسسة والإدارة التنفيذية والنقابات النفطية لما وصلت وجهة نظرهم، ولما حصل التجاوب المشكور من الحكومة ولجنة الموارد البشرية، اللتين أبديتا تفهماً واستعداداً لتقديم وعود للمؤسسة بالأخذ بملاحظات القطاع». 6 شراء وحدة الإنتاج المبكر وقال معرفي إنه «لكون انتاج الغاز ذي أهمية استراتيجية قصوى للدولة، وضمن مشروع انتاج الغاز الحر جاء الخلاف، حيث استطاعت مؤسسة البترول أن تحسن به أداء وحدة الإنتاج 50 للغاز الحر والمكثفات لتصل عوائدها منه إلى نحو 2.7 مليار دينار منذ بدء تشغيله خلال 5 سنوات، وعندما ارتأت المؤسسة شراء هذه الوحدة بعد انتهاء العقد وفق نظام التأجير فبدلاً من تأجيرها بموجب العقد الموقع بين«نفط الكويت»والشركة المزودة للوحدة بمبلغ 18 مليون دينار بناءً على السعر المنصوص عليه في عقد التأجير، تم تقديمها من المستشارين الخارجيين بـ 24 مليوناً بما يعني توفير 6 ملايين دينار، لكن الوزير رفض لأسباب مبهمة ما حدا بمجلس الإدارة التدخل والمضي بالشراء، فتلك وظيفته أن يناقش ما هو معروض عليه ويصوّت عليه وفق قناعات أعضائه المهنيّة، وإلا فما الحاجة إلى وجود مجلس الإدارة إذا كان مطلوباً منه أن يبصم على ما يريده الوزير، ولو كان مخالفاً للاعتبارات الفنية والمهنية؟» 7 تشكيل مجالس إدارات الشركات التابعة ورأى معرفي أن الخلاف على تشكيل مجلس إدارة الشركات التابعة كان الأزمة الحقيقية التي قطعت أواصر العلاقة، خصوصاً عندما طالب المجلس بدراسة مؤهلات جميع المرشحين، والاطلاع على السير الذاتية وأسس الاختيار. وأضاف «من وجهة نظري أن مجلس الإدارة أبدى حسن النوايا بتقديم أسس للاختيار تقوم على المهنية والخبرة بالقطاع النفطي مرفقة بقائمة للترشيحات، وعلى حد علمي لم يحصلوا على رد بالترشيحات بما فيها مرشحو الوزير». واستغرب معرفي تعمد تأجيل البت في مجالس إدارات الشركات التابعة لمدة 9 أشهر قائلاً «تسريب أنباء تغيير المجلس عبر الصحف دون استشارة أو تبليغ نائبه في مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي للمؤسسة المسؤول الفني الاول عن القطاع وكأنّ هناك شيئاً ما!». 8 أزمة المجلس الأعلى للبترول وقال معرفي ان هناك موضوعات عديدة تتطلب قرارات بحكم ان المجلس الاعلى للبترول تنفيذي وليس استشارياً كما المجالس الأخرى بالدولة فقد سعى الوزير إلى تعطيل انعقاده منذ ما يقارب العام. لا خصومة مع العمير يشدد معرفي على أن «لا خصومة شخصية بيني وبين وزير النفط الدكتور علي العمير ولكني أرى من واجبي وبحكم خبرتي كشخص عمل في القطاع النفطي منذ 1976 ولمدة 35 عاماً، أن أبين وجهة نظري المهنية في ما يحدث بالقطاع». وأضاف: «عندما نتحدث عن القطاع النفطي نتحدث عن عمل مؤسسي لفريق متجانس ذي كفاءة مهنية عالية ونزاهة مشهودة وعندما يولى وزير جديد على هذا الفريق عليه ان يفخر برئاسته لهذا الفريق ليحقق نجاحات وانجازات كما حدث في عهد الوزير مصطفى الشمالي عندما تولى النفط». واعتبر معرفي أن العمير «وزير شعبي عليه ثقل انتخابي، ويرى لنفسه وتياره الفضل في خروج الحكومة من دوامة عدم الاستقرار، وعلى الحكومة رد الجميل».
مشاركة :