نعرف جيداً كمسلمين أن الإنسان كان ومازال أكثر شيء جدلا، وبالتالي اصبح الجدال هو مع من يطلق كلمات الحق ليريد بها الباطل. وهو ما تفعله ويفعله الافراد والمجموعات التي تريد أن تقنع الناس بعدالة موقفها وهو غير ذلك. وهذه هي حالنا كمسلمين مع معظم الدعوات التي تطلق لاستفزازنا بأن هؤلاء القوم يريدون أن يسرقوا من الغرب حريته وديمقراطيته ونقل ظلامية المسلمين وتخلفهم وربما إرهابهم الى هذه الجنات الديمقراطية. ولكن أن نتوقف لنبحث حول من يقف وراء صناعة كراهية المسلمين، فهو أمر صعب لأننا كمسلمين دوما نستدرج بالاستفزاز نحو خيارات المواجهة العنيفة لكي نثبت جدلية مواقفهم وعدالتها، وضعف موقفنا وجهالته. حتى عندما القس التافه في فلوريدا بحملته لحرق القرآن كان هناك من يتمنى ان يقفز مسلم نحو خيار العنف فتقوم الحجة علينا. ولكن طال الأمد عليه فماتت فكرته وانقلبت الى ضده. وهنا السؤال هل ذاك القس التافه ومن قبله قساوسة مثل بات روبرتسون صاحب نادي 700 للتنصير التلفزيوني، وبعض المتطرفين من الساسة وأرباب الصناعة في الغرب الأوروبي والاميركي، هل يمثلون مواقف شخصية حقيقية تجاه المسلمين، أم أن وراءهم تقف شركات ومؤسسات وجمعيات وغيرها نحو تشويه صورة المسلمين؟ اعرف جيدا أن كثيرا من المسلمين من يرى أننا كمسلمين صنعنا الكراهية بتصرفاتنا اكثر من عدونا. ولكن عندما نتابع تقرير وكالة "رويترز" للأنباء عن موقف اليهودي من الاسم روبرت شيلمان رئيس مجموعة تدعى "كونجس" للتكنولوجيا والمقدر قيمتها السوقية بأربعة بلايين دولار أميركي، والذي يعترف في التقرير بمساندته للمناسبة التي أقيمت في تكساس لتكريم الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. واعتقد أن اختيار مناطق تعشعش فيها العنصرية مثل ولاية تكساس لابد وأن تستدرج احد الاشاوس من المسلمين بالرد العنيف. وهذا ما حصل بقيام اثنين باطلاق النار على مدخل الفندق وتم حصدهما بالرصاص. قال شيلمان في التقرير كلمته بيت القصيد الجدلي "أميركا بلد حرية التعبير ولن نرضى ان تصبح حريتنا تحت تهديد المسلمين". وعزز جدليته بقوله "إن هجوم المتطرفين على حفل تكساس هو هجوم على أسلوب حياة الاميركيين" ثم يذر الرماد في العيون بأنه ليس ضد المسلمين فلهم حريتهم ولكن يسلبون حريتنا وطريقة حياتنا. طبعا هذا اليهودي التاجر المستفز لا يقف وراء شركة تكنولوجيا وإنما يمارس بث احقاده عبر منابر ديكورات تبدو للعيان انها فكرية ديمقراطية وليست عنصرية لدق اسافين الأحقاد بين الشعوب والثقافات، وخاصة ضد المسلمين. هو يقف خلف مركز ديفيد هواريتز للحريات وهو من نظم تلك الحفلة العنصرية ضد الرسول والمسلمين في ضواحي مدينة دالاس- تكساس. وكما يقال "التم المتعوس على خايب الرجاء" حيث شاركت معه باميلا غيللر صاحبة المبادرة الاميريكية للدفاع عن الحريات في هذا الموقف العنصري. ولن يقف هذا الاصطفاف الحاقد عند هذا الحد بل سيستمر ويزيد إذا لم تكن لنا اصطفافات أيضا تستثمر ذلك التغني بالحريات الغربية لايصال رسالة العقل والتسامح وصورة الإسلام كما أراد الله ورسوله أن تكون. واذا لم نفعل سيتكلم عنا من لا يعرف من الدفاع سوى العنف المستدرج. وهو ما يريده منا العدو. فنحن نُستدرج لتشويه ديننا. ففي تلك المواقف الحاقدة نجد ان تقرير رويترز فيه الكثير من التوازن الصحفي المهني الذي لم يقتصر على تلك الأحقاد الصادرة من حفل دالاس او شيلمان وغيللر كوجهين للعنصرية الاميركية، وانما حمل صورة من مواقف معتدلة مثل موقف مركز الجنوب لقانون الفقر والذي يلاحق المجموعات المتطرفة والذي وصف شيلمان بانه قائد كتيبة العنصرية ضد المسلمين. ما يهمنا هنا هو ما قاله عدونا شيلمان أن بعض رؤساء الشركات هم من يقف وراء تلك التصرفات العنصرية بحجة الدفاع عن الحريات. والثانية ان تلك المواقف تواجهها مجموعات صادقة ولكنها اقل تأثيرا بسبب تناثر جهودها وقلة دعمها. وسؤالي الجدلي الأزلي اين نحن من صناعة صورة الإسلام الحقيقي والدفاع عنها؟ والى متى نترك المجال لكل من يغلي الدم في عروقه قبل الفكر للتصدي لهذه الأحقاد المستدرجة؟ وهل مؤسساتنا مثل منظمة العالم الإسلامي والشباب الإسلامي وغيرهما قادرة على فعل شيء، ام هي بوابة استدراج لمنظمات إسلامية او جمعيات صغيرة وتقع في نفس أخطاء شباب متحمس للدفاع عن دينه؟ نحن نعيش زمن صناعة الصورة الذهنية، فإذا لم نصنع صورتنا سنضطر للبس الصورة التي تم تفصيلها لعقولنا وأجسادنا. فنحن نسيء لإسلامنا أكثر من عدونا بسبب التقاعس المؤسسي وعدم جمع نثار التعاطف في دول الغرب. فهل نستسلم؟ عندها نعرف معنى أن اليهود والنصارى لن ترضى عنا حتى نتبع ملتهم. وكما يقول أهلنا في مصر "لبسنا سطانية" هؤلاء الحاقدين علينا بدلا من صناعة تاج لرؤوسنا المرفوعة بعبادتنا لله وحده واتباع نبيه الذي وصفه وأمرنا باتباعه لأنه "على خلق عظيم".
مشاركة :