عِم صباحاً أخي الوافد أو مساءً فلا يهم...فأنت لم تعد تعرف صباحك من مسائك إلا من خلال تصاريح وزارة الداخلية على صفحات الجرائد، وكم أنتم محظوظون أيها الوافدون فالعناوين الرئيسية في الصحف الكويتية تتعلق بكم وبقوانين إبعادكم أكثر من المواطنين وقوانين بقائهم. لذلك فلا تحزن صديقي الوافد إذا تم تسفيرك من الكويت لأنك تشوي بعض اللحم على الشواطئ، فنحن كمواطنين يتم شواؤنا شخصياً بأسعار العقارات والإيجارات والسلع، ولا تحزن بسبب مخالفات عدم نقل بياناتك في جواز سفرك، فنحن كمواطنين يتم نقل ثرواتنا للخارج...وإذا كنت حزينا لأنك ستبعد عن البلاد إذا ركبت «عبرياً» من الشارع...فنحن سنتكلم عبرياً بسبب زحمة الشوارع...وإذا كانت بلادك الأصلية تعاني من أناس يخدعون أنفسهم بعمليات انتحارية ليذهبوا للجنة، فنحن نعاني من أناس يخدعون الشعب ليذهبوا للمجلس؛ ولذلك يجب التحذير من الصنفين تحت مسمى «احترس من الحوت». وبمجرد أن أذن الديك «كوكوكوكو في الفجرية»، ذهبت للصلاة في المسجد فسمعت أحد الوافدين وقد بالغ في الدعاء ورفع الأيدي للسماء وهو يدعو الله ألا يصاب بالبواسير!، فاستغربت واندهشت وقلت في نفسي ولم كل هذا التهويل...فعلمت أن هناك تصريحاً صحافياً يقول إن الوافد المصاب بخمسة أمراض سيتم إبعاده عن البلاد...وصديقنا هذا مصاب بالقلب والضغط والسكر والربو، لذلك فالبواسير هي التي ستقضي على مستقبله في الغربة. إن كل ما سأكتبه اليوم، وما كتبته في الماضي، وما سأكتبه في المستقبل مثل صرخات يوحنا المعمدان في البرية، فالحقيقة لا تصمد أبدا أمام قصة ممتعة...فقط اجعل قصتك ممتعة ومليئة بالعواطف وسوف يصدقك الناس حتى لو كنت الأسود العنسي، فأنت يا صديقي الوافد سبب الزحمة في الشوارع، وسبب نقص الأسِرَّة في المستشفيات، ووراء تفشي الرشوة في الوزارات، والمتسبب في مشكلة الإسكان، وأنت السبب في كون عجلة التنمية تسير ببطء لأنك صاحب «كِرش»، بينما المسؤول عندنا صاحب «قرار» أو صاحب شركة يجلب عليها الآلاف من العمالة السائبة...والعمالة السائبة تُعلم السرقة!! وحدثنا أهل ثقتنا عن أهل ثقتهم أنه كان هناك مفكر يجلس بجانب رجل صومالي فنظر له المفكر باستغراب وقال له «هل أنت صيني؟» فقال له الصومالي باندهاش «لا لست صينياً»...فدقق المفكر في ملامحه وقال له مرة أخرى «طيب هل أمك صينية؟»، فرد الصومالي بعصبية «قلت لك لا»!!، فقال المفكر «هل لك أقارب صينيون؟»، فرد الصومالي وقد اشتاط غضبا «نعم أنا صيني وأمي صينية وجميع أقاربي صينيون»، فقال المفكر باندهاش «غريبة...مع أن شكلك صومالي!». فحالنا مع الوافدين كحال هذا المفكر، حيث إننا نعلم أن الكثير من أبناء جلدتنا قد حمَّلوا هذا الوطن معاصيهم حين تاجروا بالإقامات، وجلبوا الكثير ممن لا يحتاجه سوق العمل، ولكي نحاسب المسؤول عن ذلك عممنا النظرية على كل الوافدين...فنحن نعلم أين الخلل؟ ولكننا نسأل سؤال المفكر للصومالي. واسمح لي عزيزي الوافد أن أقول لك إنني لا أدافع عنك البتة في هذا المقال...فلست محامياً ولست حقوقياً ولكنني أعلم أن الحكومة بمجرد أن تنتهي من شماعة الوافدين ستصطنع شماعة جديدة لتعلق عليها تأخر التنمية وفشل السنين الماضية. ولا أريد أن أطيل في الثرثرة الأدبية رغم أن شهيتي مفتوحة للتنظير والتفلسف ولكن أريد أن أسألك يا صديقي الوافد سؤالاً واحداً...هل أنت صومالي؟ **** قصة قصيرة: قال له: ما وظيفتك مع الوزير؟ فرد بفخر: مداهن...وأنت ما وظيفتك مع الفقير؟ قال: جلاد. moh1alatwan@
مشاركة :