لعبت التغيرات المناخية في صحراء الجزيرة العربية دورا مهما في التغيرات الاجتماعية والاقتصادية مما جعلهم يتنقلون بحثا عن مساقط المطر وعندما يشتد لهيب الشمس وتصبح المياه شحيحية تتغير الوجهة الى الموارد. وقد حرص العرب منذ القدم على حفظ تاريخهم ورصد وقائع ايامهم إما على شكل رواية يتوارثها الأجيال بحرص او في قالب شعري أو ما يعرف باسم القصيدة التاريخية ويتضح ذلك من خلال الشعر الجاهلي والذي رصد ايام العرب، كما رصد المواقع الجغرافية وأبطال تلك الايام وعلى نهج الشعراء الأوائل سار شعراء الشعر الشعبي في رصد الحدث ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ان شعرهم تناول العادات والتقاليد والنظم القبلية ووصف المواقع وحالات التغير الاقتصادي والاجتماعي الذي يتزامن مع حالة الترحال والبحث عن ربيع الارض وعن موارد مياهها. وقد ساهم ذلك في توثيق احداث تلك الحقبة واصبحت القصائد والقصص مرجعا . لذا كان لحياة البادية في الصحراء وحياة الحضر في القرى قصة وصفها الشعراء في المقياظ والترحال والمقطان ومايصاحبها من احداث يقول الشاعر عبدالله بن سبيل وقد اجاد الوصف لتلك الحالات السابقة: الله لايسقي ليال الشفاشيف ايام راع السمن يخلص ديونه فراق شمل اهل القلوب المواليف وكل على راسه يباري ضعونه وقد رسم ابن الصحراء بأقدامه على رمال الصحراء قصة الكفاح من أجل البقاء ومع مسيرة يقعى في صراع مع حبات الرمال الساخنة وهي في رحلة تنقلها الى المكان المجاور حيث تتغير معالم المكان من فصل الى فصل وخلف آثار أخفاف الإبل في رمال الصحراء رصد الشاعر الحدث وهو يسير في شف البكار المشاعيف والتي تمثل المحور الرئيسي في حياته: يتلون مشهات البكار المشاعيف كل يبي قفر قدم يسهجونه ومع رصد الحدث لم يغفل الشاعر بعض التفاصيل الصغيرة والجانب الوجداني والذي تصوره حالة اللقاء والفراق بعد المقطان او المقياظ: وتواردوا عد شرابه قراقيف والعد لو هو بالفضاء يشحنونه ومع رصد الحدث تلاحظ النواحي الفلكية والتضاريسية شاهداً على معرفتهم بأسرار الصحراء وانهم قادرون على التكيف مع متغيراتها: عهدي بهم باق من السبع ثنتين قبل الشتاء والقيظ زل محسوبه وعلى هذا النهج استمر الشعر يرصد الحدث بكل جوانبه ليثبت للأجيال أنه شاهد على احداث الزمان والمكان. وأنه مازال مصدر توثيق وأصبح جزءا هاما من ثقافة مجتمع أبناء الجزيرة العربية والعرب بشكل عام.