مصدر الصورةGetty Images علقت صحف عربية على اعتذار رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد توفيق علاوي، عن تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد ساعات من إرجاء مجلس النواب للمرة الثانية جلسة للموافقة على الحكومة الجديدة لعدم اكتمال النصاب القانوني. وكان علاوي يسعى منذ بداية فبراير/شباط إلى تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة سلفه، عادل عبد المهدي، في نوفمبر/تشرين الثاني، وسط احتجاجات شعبية مناوئة لحكومته.مظاهرات العراق: عبدالمهدي يعلن "الغياب الطوعي" ويحذر من "فراغ دستوري"مرشح "من رحم الشارع" يقول عبد الوهاب جبار في البينة الجديدة العراقية: "أعلن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي اعتذاره عن التكليف في رسالة إلى رئيس الجمهورية بعد أن وصل إلى طريق مسدود وتأكد بنفسه بأن مساعيه قد اصطدمت بعقبات ومصدات اختلقتها قوى سياسية لا تريد أن تتنازل قيد أنملة عن استحقاقاتها". ويتابع: "ولنكن أكثر وضوحا بأن قبول علاوي لهذا التكليف كان مغامرة سياسية غير محسوبة من قبله أو ربما غفل أو تغافل عن جملة حقائق كان يفترض أن يحسبها بالمسطرة وكان عليه أن يعي أن طريقه إلى تشكيل كابينته ليس مفروشا بالسجاد الأحمر وليس كل شيء سوف يتحقق له بطريقة (شبيك لبيك) فالمشهد السياسي الراهن معقد ومتشابك حد اللعنة وأن من يتصدر المسؤولية عليه أن يتدرع بكل عناصر القوة ويستحضر كل الممكنات التي تحقق له النجاح". ويدعو الكاتب القوى السياسية ورئيس الجمهورية إلى "الالتزام أولاً بالمدة الدستورية المقررة لاختيار بديل لعلاوي وهي 15 يوما وأن يأتي المرشح البديل من رحم الشارع حصرا وأن يكون محل قبول وإجماع كل القوى السياسية، فلسنا حقل تجارب ولن نكون ساحة مفتوحة على المفاجآت.. احسموها هذه المرة وليكن حسن الاختيار مهمة رقم (1).. احترموا المرجعية.. احترموا الشعب.. احترموا الشارع.. احترموا وطنا اسمه العراق.. وكفى لعباً وضحكاً على الذقون". وتقول الخليج الإماراتية في افتتاحيتها إن "العراقيين لم ينجحوا في اختبار تشكيل حكومة تخلف الحكومة السابقة التي كان يرأسها الدكتور عادل عبدالمهدي، فقد فشلت الأطراف والكتل السياسية الفاعلة في المشهد في التوافق على رئيس جديد للوزراء بعدما أعلن محمد توفيق علاوي، المكلف من قبل الرئيس برهم صالح، اعتذاره عن التكليف". وترى الصحيفة أن " اعتذار علاوي عن تشكيل الحكومة يضع البلاد مجدداً أمام مفترق طرق، وسيكون الرئيس برهم صالح أمام تعقيد جديد بعد أن أعاد الاعتذار الأمور إلى نقطة البداية، خاصة في ظل عدم رضا الحراك الشعبي عن الطريقة التي سارت بها عملية اختيار رئيس الحكومة وأعضائها، ما يؤكد وجود شرخ عميق بين الشارع من جهة والكتل والتيارات السياسية من جهة أخرى، وهو الشرخ الذي لم تتمكن الاتفاقيات السياسية من معالجته، في ظل الانقسام الحاصل بين الأطراف الفاعلة، ما يعني أن الانقسام سيبقى قائماً، ما لم تتم إعادة تقييم التحالفات وتضييق هوة الخلافات للخروج من دوامة الفشل في تشكيل الحكومات، والذي من شأنه أن يدخل البلاد في مرحلة فوضى عارمة". أما علي حسين فيقول في المدى العراقية: "ظل عبد المهدي يلح طوال العام الماضي على أنه حامي الإصلاح، منه جاء وإليه يخصص حصيلة جولاته الليلية، ولهذا هو لا يتحرّك وحده، بل هو محاط بكبار الإصلاحيين، كي يشهروا ثقافتهم في مدن العراق، ويعلّموا العراقيين كيف تكون الديمقراطية". ويضيف الكاتب أن "أبسط عقل سياسي كان يعرف أنّ عودة الوجوه الفاشلة، بالخداع والخطب الإصلاحية، لن ينجح في إدارة الحكومة وأنّ زمن الضحك على العراقيين انتهى مفعوله. لكن عبد المهدي للأسف تأخر كثيرا لكي يصل إلى هذا الاستنتاج. الحل كان في التغيير الشامل، لا في "الطبطبة" على الفاسدين والتهديد فقط بفتح ملفاتهم. يصنع التاريخ الرجال الذين يخرجون من تردّدهم وعباءة المحسوبية والتحزب إلى فضاء أوسع، ظل عبد المهدي متردّدا، ولهذا لم يستطع أن يصنع لحظته التاريخية"."أمراض الحياة السياسية العراقية" من جهتها تقول القدس العربي اللندنية: "إلى جانب أمراض الحياة السياسية العراقية التي أفشلت مهمة علاوي، فإن من الإنصاف التذكير بعوامل أخرى ذاتية تخص رئيس الحكومة المكلف شخصيا، كانت بدورها سببا في فشله. وقد يكون على رأسها أنه منع على الكتل الكردية والسنية تسمية مرشحيها من منطلق أنه لا يريد حقائب حزبية، ولكنه في الآن ذاته ترك للكتل التي رشحته ووعدت بمنحه الثقة أن تسمي وزراء فاسدين يرفضهم الشارع الشعبي على نحو مطلق". وتضيف الصحيفة أن "الأصل في هذا الاستعصاء الجديد، والذي يستكمل النزاع السابق الشهير بين الرئيس العراقي برهم صالح ومجلس النواب حول تسمية المكلف بتشكيل الحكومة، أن غالبية الكتل النيابية في واد، ومطالب الحراك الشعبي في واد آخر مختلف تماماً. فالفريق الأول يستمرئ إعادة إنتاج أوضاع التدهور المعيشي والغلاء وانحطاط الخدمات وإسباغ الشرعية على الفساد والفاسدين وإعلاء شأن المصالح الفردية والحزبية فوق الهواجس الوطنية والشعبية العامة، والفريق الثاني قدم الشهداء وبذل التضحيات واعتصم في الشارع طويلاً وطوّر سلسلة خيارات إصلاحية جذرية على نحو لم يعد يسمح بأقل من إحداث تغيير جوهري في حياة البلاد". وتقول ولاء سعيد السامرائي في العربي الجديد اللندنية إن "المكلف (المنسحب لاحقا) ليس استجابة لمطالب الشعب وثورته كما ادّعى، بل إنه يستعجل الوقت، لتشكيل حكومةٍ تقضي على الثورة، على يد مقتدى الصدر وأتباعه". وتضيف الكاتبة: "وإذ أراد الصدر، في تصريحه لإنهاء الثورة، هذا الإعلان عن ولائه ووفائه للمرشد في طهران، خامنئي، للحفاظ على الوجود الإيراني في العراق بكل الوسائل، ومحاربة من تسوّل له نفسه ترديد "إيران برّة برّة بغداد تبقى حرة"، وتوكيل مهمة الحكومة أحد أتباع الولي الفقيه، فإن مهمة الصدر هذه لن تكلل إلا بالفشل والخذلان، كما محاولاته السابقة اختراق التظاهرات ووضع اليد عليها. ولن تتمكن أي حكومة مقبلة، أيا كانت آلتها القمعية، أن تنتصر على هذه الثورة، ولا أن تكسر شوكة التحدي والوطنية العراقية التي ولدت من رحم الأوجاع والظلم والقهر والطغيان الجاثم على العراق منذ 17 عاما".
مشاركة :