أتفادى الحديث عن الاختلافات المذهبية والطائفية وغيرهما مما يفرق المجتمعات والشعوب، لأن ذلك قد يكون خدمة لمن يقف خلف تلك التقسيمات والترويج لها، ولكن حيث وصل الامر الى ما وصل اليه، فانني ارى اهمية مناقشة الموضوع بطريقة مختلفة، بعيدة عن الوعظ والنصائح، لاقول إنه ليس شرطاً أن يحب السني أخاه أو صديقه، أو قل ما تشاء، الشيعي، كما أن الشيعي ليس مطالباً بأن يحب مواطنه السني، والأمر ينطبق ايضاً على الموظف مع زميله، وابن القبيلة الفلانية مع القبيلة الأخرى، وكذلك ابن المنطقة أو المدينة مع ابن المنطقة أو المدينة المجاورة. اقول انه ليس شرطاً أن يحب أي من هذه الأطراف الطرف الآخر، ولكن مايجب أن نتفق عليه، ولانساوم عليه، بل وندافع عنه دفاعاً قوياً هو أن يحترم كل طرف الطرف الآخر، ويقدر كل طرف الطرف الآخر ويتعامل معه ويتعايش. لسنا مطالبين أن نحب بعضنا بعضاً، أو أن ندعي ذلك، وإن كان الحب مطلباً جميلاً وقيمة دينية فاضلة ولكنه يصلح في أطر محددة وعلاقات أكثر تحديداً. الشعوب بمكوناتها الثقافية والاجتماعية والمذهبية بل والدينية احياناً تحتاج الاحترام كي تعيش وتتعايش مع بعضها البعض، كما قال ذلك الصحابي الجليل لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إننا نريد منك العدل والاحترام أما المحبة فدعها لبيتك وأهل بيتك". ولكن كيف نستطيع أن نوجد الاحترام والتقدير بين مكونات المجتمع؟ الاجابة تأتي، قديماً، من ذلك الموقف الذي حدث بين عمر رضي الله عنه وأحد صحابته، وحديثاً من خلال ما يعرف بسن الأنظمة والتشريعات التي تحكم علاقات أبناء المجتمع، وتبين حقوقهم وواجباتهم، وتضع الجزاءات الواضحة والرادعة لمن يخالف ذلك. نحن بحاجة لأن نوجد الأنظمة التي تجعل أبناء البلد، بمذاهبه ومناطقه، وعوائله وأسره، يحترم بعضها بعضاً ويتعامل الواحد منهم مع الآخر وفق ما يتطلبه نظام الحقوق والواجبات ويجرم الخروج عنها. أنظمة تمنح ابناء الوطن التساوي في الحصول على الفرص، والعدالة في تطبيق الانظمة بعد ان تكون تلك الانظمة واضحة ومكتوبة ومعروفة للجميع.
مشاركة :